قال:(الأمر حقيقة فى القول المخصوص اتفاقًا، وفى الفعل مجاز، وقيل مشترك، وقيل: متواطئ، لنا سبقه إلى الفهم، فلو كان متواطئًا لم يفهم منه الأخص كحيوان فى إنسان واستدل لو كان حقيقة لزم الاشنراك فيخل بالتفاهم فعورض بأن المجاز خلاف الأصل فيخل بالتفاهم وقد تقدَّم مثله والتواطؤ مشتركان فى عام فيجعل اللفظ له دفعًا للمعذورين وأجيب بأنه يؤدى إلى رفعهما أبدًا، فإن مثله لا يتعذر وإلى صحة دلالة الأعم على الأخص وأيضًا فإنه قول حادث هنا).
أقول: فرغ من السند وشرع فى المتن، مما يشترك فيه الكتاب والسنة والإجماع، فمنه أمر ونهى وعام وخاص ومطلق ومقيد ومجمل ومبين وظاهر ومؤوّل، ومنطوق ومفهوم، فبدأ بالأمر آتيًا عليها بما ذكرنا من الترتيب فالأمر ولا نعنى به مسماه كما هو المتعارف فى الأخبار عن الألفاظ أن يلفظ بها، والمراد مسمياتها بل لفظة الأمر وهو أم ر كما يقال زيد مبتدأ وضرب فعل ماض وفى حرف جر وإنه حقيقة فى القول المخصوص اتفاقًا فلو أنه قسم من الكلام وقد يطلق على الفعل فالأكثر على أنه فيه مجاز وقيل مشترك بين القول المخصوص والفعل، وقيل متواطئ فيهما، أى هو للقدر المشترك بينهما لنا سبق القول المخصوص إلى الفهم عند إطلاقه فكان حقيقة فيه غير مشترك بينهما وإلا لبادر الآخر أو لم يتبادر شئ منهما وهو ظاهر وليس متواطئًا وإلا لكان أعم من القول المخصوص ولم يفهم منه القول المخصوص لأن الأعم لا يدل على الأخص كما لا يفهم من الحيوان الإنسان خاصة واستدل بأنه لو كان حقيقة فى الفعل لكان مشتركًا إذ لا يشك فى أنه حقيقة فى القول المخصوص واللازم باطل لأن الاشتراك يخل بالتفاهم.
الجواب: أنه لو لم يكن حقيقة للزم المجاز واللازم باطل لأنه يخل بالتفاهم ويرجح كل بوجوه ترجيحه التى مرت وإليه الإشارة بقوله وقد تقدَّم مثله.
القائلون بالتواطؤ قالوا: أمران يشتركان فى عام وهو مفهوم أحدهما فوجب جعله لذلك العام دفعًا للاشتراك والمجاز فإن كليهما محذوران لإخلالهما بالتفاهم.
الجواب: أما أولًا: فبأنه إنما يستقيم لو لم يدل دليل على خلافه، وإلا لوجب