للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: المشترك يصح إطلاقه على معنييه مجازًا لا حقيقة وكذلك مدلولا الحقيقة والمجاز وعن القاضى والمعتزلة يصح حقيقة إن صح الجمع، وعن الشافعى ظاهر فيهما عند تجرد القرائن فالعام، أبو الحسين والغزالى يصح أن يراد لا أنه لغة، وقيل لا يصح أن يراد، وقيل: يجوز فى النفى لا الإثبات والأكثر أن جمعه باعتبار معنييه مبنى عليه، لنا فى المشترك أنه يسبق أحدهما، فإذا أطلق عليهما كان مجازًا النافى للصحة لو كان للمجموع حقيقة لكان مريد أحدهما خاصة غير مريد وهو محال وأجيب بأن المراد المدلولان معًا لا بقاؤه لكل مفرد وأما الحقيقة والمجاز قوله: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥]، فاستعماله لهما استعمال فى غير ما وضع له أولًا وهو معنى المجاز النافى للصحة لو صح لهما لكان مريدًا ما وضعت له أولًا غير مريد وهو محال وأجيب بأنه مريد ما وضع له أولًا، وثانيًا بوضع مجازى الشافعى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الحج: ١٨]، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦]، وهى من اللَّه رحمة ومن الملائكة استغفار وأجيب بأن السجود الخضوع والصلاة الاعتناء بإظهار الشرف أو بتقدير خبر أو فعل حذف لدلالة ما يقارنه أو بأنه مجاز بما تقدَّم).

أقول: اللفظ المشترك يصح إطلاقه على كل واحد من معنييه معًا كما يصح إطلاقه على واحد منهما بدلًا عن الآخر بأن يراد به فى إطلاق واحد هذا وذلك غير إرادة مجموع المعنيين مثاله أن تطلق القرء وتريد به طهرًا وحيضًا فإذا أطلق عليهما كان مجازًا لا حقيقة وكذلك اللفظ إذا أطلق على معنييه المجازى والحقيقى مثاله أن تطلق الأسد وتريد به السبع والشجاع ونقل عن القاضى والمعتزلة أنه يصح إطلاقه أى المشترك حقيقة إن صح الجمع بينهما بخلاف صيغة افعل للأمر والتهديد، ونقل عن الشافعى رحمه اللَّه أنه ظاهر فيهما دون أحدهما فيحمل عند التجرد عن القرائن عليهما ولا يحمل على أحدهما، خاصة إلا بقرينة وهو عام فيهما والعام عنده قسمان: قسم متفق الحقيقة، وقسم مختلف الحقيقة، وقال أبو الحسين والغزالى يصح أن يراد ولا مانع من القصد كما زعم قوم أن الدليل القاطع قائم على امتناعه لكنه ليس من اللغة فإن اللغة منعت عنه ولولا منعها عنه لى يمنع عنه غيره من عقل وقيل بل لا يصح أن يراد كما ذكرنا، وفصل قوم فقالوا يجوز فى النفى لا الإثبات ثم اختلف فى جمعه باعتبار معنييه نحو عيون وتريد به باصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>