للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب، أبو حنيفة والقاضى والإمام رحمهم اللَّه إن كان الخاص متأخرًا وإلا فالعام ناسخ وإن جهل تساقطا لنا: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: ٤]، مخصص لقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤]، وكذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ. . .} [المائدة: ٥]، مخصص لقوله: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢٠]، وأيضًا لا يبطل القاطع بالمحتمل، قالوا: إذا قال اقتل زيدًا ثم قال لا تقتل المشركين فكأنه قال لا تقتل زيدًا فالثانى ناسخ، قلنا النخصيص أولى لأنه أغلب ولا رفع فيه كما لو تأخر الخاص، قالوا: على خلاف قوله لتبين، قلنا تبيانًا لكل شئ والحق أنه المبين بالكتاب والسنة، قالوا: البيان يستدعى التأخير، قلنا: استبعاد، قالوا: قال ابن عباس رضى اللَّه عنهما: (كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث)، قلنا يحمل على غير المخصص جمعًا بين الأدلة).

أقول: تخصيص الكتاب بالكتاب جائز إن علم تقدُّم العام أو تقدُّم الخاص أو جهل التاريخ ومنعه بعض مطلقًا وفصل أبو حنيفة والقاضى وإمام الحرمين رحمهم اللَّه فقالوا: إن عُلِمَ التاريخ فالخاص إن كان متأخرًا خصص العام وإن كان متقدمًا فلا بل كان العام ناسخًا للخاص وإن جُهِلَ التاريخ تساقطا لاحتمال بطلان حكم الخاص لتأخر العام وثبوت حكمه لتقدمه فيتوقف فى مورد الخاص ويطلب فيه دليل آخر لنا لو لم يجز لم يقع وقد وقع كثيرًا، منه قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، مخصص لقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر} [البقرة: ٢٣٤]، ومنه قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥]، مخصص لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢١]، فإن الذمية مشركة للتثليث وغيره، ولنا أيضًا أنه لو لم يخصص لبطل القاطع واللازم منتف، أما الملازمة فلأن دلالة الخاص على مدلوله قاطع ودلالة العام على العموم محتمل، لجواز أن يراد به الخاص فلو لم يخصص العام متأخرًا بل أبطلنا به الخاص، قلنا أبطلنا القاطع بالمحتمل، وأما بطلان اللازم فالعقل يقضى به قضاء أوليًا.

قالوا: أولًا: إذا قال: اقتل زيدًا ثم قال لا تقتل المشركين فهو بمثابة أن يقوله لا تقتل زيدًا ولا عمرًا إلى أن يأتى على الإفراد واحدًا بعد واحد وهذا اختصار لذلك المطوّل وإجمال لذلك المفصل ولا شك أنه لو قال لا تقتل زيدًا لكان ناسخًا لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>