أقول: الفكر هو انتقال النفس فى المعانى انتقالًا بالقصد وذلك قد يكون لطلب علم أو ظن فيسمى نظرًا وقد لا يكون كذلك كأكثر حديث النفس فلا يسمى نظرًا وبهذا صرح الإمام فى الشامل وقول الآمدى مراده أن النظر هو الفكر ثم تفسيره بأنه الذى يطلب به علم أو ظن بعيد.
قوله:(انتقالًا بالقصد) احتراز عن الحدس وعما يتوارد على النفس من المعانى بلا قصد.
قوله:(وقول الآمدى) لما كان المراد بالفكر والنظر فى عبارة المنطقيين واحدًا زعم الآمدى أن مراد القاضى أبى بكر فى هذا التعريف أن يفسر النظر بالفكر تنبيهًا على اتحادهما معنى ثم يعرّفه بما يطلب به علم أو ظن ولا شك أنه بعيد لم يعهد مثله فى التعريفات ولا يفهم من اللفظ، مع أن التفسير بالذى يطلب به علم أو ظن ينتقض بالقوة العاقلة وكثير من آلات الإدراك وبالدليل نفسه وعلى هذا التعريف أسئلة أقواها أن الظن غير المطابق جهل لا يطلبه عاقل وما يعلم مطابقته علم فلا حاجة إلى ذكر الظن، والجواب أن المطابق قد يطلب لا من حيث الجزم بل من حيث الرجحان.
قوله:(الفكر. . . إلخ) حركة النفس فى المحسوسات تسمى تخيلًا وفى المعقولات تسمى فكرًا، هذا هو المشهور ولما بدل الحركة بالانتقال الذى هو أعم منها زيد القصد احترازًا عن الحدس وأيضًا الحركة فيما يتوارد من المعقولات بلا اختيار كما فى المنام لا تسمى فكرًا، ولعل المراد بالمعانى ههنا هو المعقولات المقابلة للمحسوسات الشاملة للموهومات لأن الفكر الذى بهذا المعنى هو الذى عد من خواص الإنسان، وذلك الانتقال الفكرى قد يكون لطلب علم أو ظن فيسمى نظرًا، وقد لا يكون كذلك فلا يسمى به: فالفكر جنس له وما بعده فصل، وإنما قال: أو ظن ليتناول النظر فى الأمارات وبما ذكرناه من أن الفكر هو الانتقال المذكور وأن أحد قسميه هو النظر صرح إمام الحرمين فى الشامل، قال الآمدى فى الإبكار: مراد القاضى أن النظر هو الفكر أى: هما مترادفان وما بعدهما تعريف