للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: لا تثبت اللغة قياسًا خلافًا للقاضى وابن سريج وليس الخلاف فى نحو رجل ورفع الفاعل أى لا يسمى مسكوت عنه إلحاقًا بتسمية لمعين لمعنى يستلزمه وجودًا وعدمًا كالخمر للنبيذ للتخمير والسارق للنباش للأخذ خفية والزانى للائط للوطء المحرم إلا بنقل أو استقراء بالتعميم لنا إثبات اللغة بالمحتمل قالوا: دار الاسم معه وجودًا وعدمًا، قلنا: ودار مع كونه من العنب وكونه مال الحى وقبلا قالوا: ثبت شرعًا والمعنى واحد قلنا: لولا الإجماع لما ثبت وقطع النباش وحد النبيذ إما لثبوت التعميم وإما بالقياس لا لأنه سارق أو خمر بالقياس).

أقول: قد اختلف فى جواز إثبات اللغة بالقياس فجوّزه القاضى أبو بكر وابن سريج وبعض الفقهاء والأصح منعه ولا بد من تحرير محل النزاع أولًا ليتوارد النفى والإثبات على محل واحد فنقول: ليس الخلاف فيما ثبت تعميمه بالنقل كالرجل والضارب أو بالاستقراء كرفع الفاعل ونصب المفعول، وإنما الخلاف فى تسمية مسكوت عنه باسم إلحاقًا له بمعين سمى بذلك الاسم لمعنى تدور التسمية به معه وجودًا وعدمًا فيرى أنه ملزوم التسمية فأينما وجد وجب التسمية به كتسمية النبيذ خمرًا إلحاقًا له بالعقار لمعنى هو التخمير للعقل المشترك بينهما الذى دار معه التسمية فما لم يوجد فى ماء العنب لا يسمى خمرًا بل عصيرًا وإذا وجد فيه سمى به وإذا زال عنه لم يسمّ بل خلًا وكذلك تسمية النباش سارقًا للأخذ بالخفية واللائط زانيًا للإيلاج المحرم إلا أن يثبت فى شئ من هذه الصور نقل أو استقراء فيخرج عن محل النزاع فلا يكون المثال مطابقًا ولا يضر فإن المثال يراد للتفهيم لا للتحقيق لنا أن القياس فى اللغة إثبات اللغة بالمحتمل وهو غير جائز.

أما الأولى: فلأنه يحتمل التصريح بمنعه كما يحتمل باعتباره بدليل منعهم طرد الأدهم والأبلق والقارورة والأجدل والأخيل وغيرها مما لا يحصى فعند السكوت عنهما يبقى على الاحتمال.

وأما الثانية: فلأنه بمجرد احتمال وضع اللفظ للمعنى لا يصح الحكم بالوضع فإنه تحكم باطل وأيضًا يجب الحكم بوضع اللفظ بغير قياس إذا قام الاحتمال وهو باطل بالاتفاق.

قالوا: أولًا: دار الاسم مع المعنى وجودًا وعدمًا فدل على أنه المعتبر، لأن الدوران يفيد ظن العلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>