قال:(مسألة: الأمر بواحد من أشياء كخصال الكفارة مستقيم وقال بعض المعتزلة الجميع واجب وبعضهم الواجب ما يفعل وبعضهم الواجب واحد معين ويسقط به وبالآخر لنا القطع بالجواز والنص دل عليه وأيضًا وجوب تزويج أحد الخاطبين وأعتاق واحد من الجنس فلو كان التخيير يوجب الجميع لوجب تزويج الجميع ولو كان معينًا لخصوص أحدهما امتنع التخيير المعتزلة غير المعين مجهول ويستحيل وقوعه فلا يكلف به، والجواب أنه معين من حيث إنه واجب وهو واحد من الثلاثة فينتفى الخصوص وصح إطلاق غير المعين، قالوا: لو كان الواجب واحدًا من حيث هو أحدها لا بعينه مبهمًا لوجب أن يكون المخير فيه واحدًا لا بعينه من حيث هو أحدها فإن تعددا لزم التخيير بين واجب وغير واجب وإن اتحدا لزم اجتماع التخيير والوجوب وأجيب بلزومه فى الجنس وفى الخاطبين والحق أن الذى وجب لم يخير فيه والمخير فيه لم يجب لعدم التعيين والتعدد يأبى كون المتعلقين واحدًا كما لو حرم واحدًا وأوجب واحدًا، قالوا: يعم ويسقط وإن كان بلفظ التخيير كالكفاية، قلنا: الإجماع ثمة على تأثيم الجميع وههنا بترك واحد لا بعينه، وأيضًا فتأثيم واحد لا بعينه غير معقول بخلاف التأثيم على ترك واحد من ثلاثة، قالوا: يجب أن يعلم الآمر الواجب، قلنا: يعلمه حسبما أوجبه وإذا أوجب غير معين وجب أن يعلمه غير معين، قالوا: علم ما يفعل وكان الواجب قلنا فكان الواجب لكونه واحدًا مبهمًا لا لخصوصه للقطع بأن الخلق فيه سواء).
أقول: هذه ثانية مسائل الوجوب الأمر بواحد مبهم من أمور معينة كخصال الكفارة مستقيم ويعرف بالواجب المخير، وقال بعض المعتزلة: الواجب هو الجميع ويسقط بواحد، وقال بعضهم: الواجب واحد معين عند اللَّه وهو ما يفعل فيختلف بالنسبة إلى المكلفين، وقال بعضهم: الواجب واحد معين لا يختلف لكنه يسقط به وبالآخر لنا القطع بالجواز لأنه لو قال أوجبت عليك واحدًا مبهمًا من هذه الأمور وأيًا فعلت فقد أتيت بالواجب وإن تركت الجميع تذم لتركك أحدها من حيث هو أحدها لم يلزم منه محال، ثم النص دل عليه كما فى الكفارة فوجب حمله عليه، ولنا أيضًا إجماع الأمة على وجوب تزويج أحد الكفأين الخاطبين بالتخيير وعلى وجوب إعتاق واحد من جنس الرقبة فى الكفارة بالتخيير فلو كان التخيير يقتضى وجوب الجميع لوجب تزويج الجميع وإعتاق جميع الرقبات وهو