خلاف الإجماع. ولو كان التخيير معينًا لخصوص أحدهما لامتنع التخيير لأن التعيين يوجب أن لا يجزئ لو أتى بالآخر والتخيير يوجب أن يجزئ وهما لا يجتمعان وإذا بطل القسمان لم يبق إلا أن يوجب أحدهما لا بعينه وهو المطلوب للمعتزلة فى نفى التخيير وجوه:
قالوا: أولًا: غير المعين مجهول وكل مجهول لا يكلف به إذ علم المكلف والمكلف بما به التكليف ضرورى وأيضًا فإن غير المعين يستحيل وقوعه لأن كل ما يقع فهو معين وما يستحيل وقوعه لا تكليف به مع أنه لا قائل بأن التخيير تكليف بالمحال.
الجواب: لا نسلم أن غير المعين مجهول ويستحيل وقوعه إنما ذلك فى غير المعين من كل وجه وأما فى المعين من وجه دون وجه فلا فإن قلت: تدعى أن غير المعين من وجه مجهول من ذلك الوجه ويمتنع وقوعه من ذلك الوجه وهذا من حيث هو واجب غير معين قلنا: إنه معين من حيث هو واجب وهو مفهوم واحد من الثلاثة الحاصل فى ضمن كل واحد منها مع عدم خصوصية شئ من الثلاثة وتعينه فإطلاق غير المعين عليه صح لذلك لا لأنه لا تعين ولا يتميز له فى الذهن أو كلف بإيقاعه غير معين فى الخارج.
قالوا: ثانيًا: لو كان الواجب واحدًا لا بعينه من حيث هو أحدها مبهمًا لكان المخير فيه الجائز تركه واحدًا لا بعينه من حيث هو أحدها مبهمًا فالواجب والمخير فيه إن تعددا لزم التخيير بين واجب وغير واجب وهو يرفع حقيقة الوجوب كما تقول صل أو كل الخبز وإن اتحدا لزم اجتماع التخيير وهو جواز الترك والوجوب وهو عدم جواز الترك فى شئ واحد وأنهما متناقضان.
الجواب: أما أولًا: فبالنقض بوجوب إعتاق واحد من الجنس وتزويج أحد الخاطبين فإن دليلكم بعينه يجرى فيهما.
وأما ثانيًا: فبالحل ببيان ما هو الحق فيه وذلك أن الذى وجب وهو المبهم لم يخير فيه والمخير فيه وهو كل من المتعينات لم يجب منه شئ لأنه لم يوجب معينًا وإن كان يتأدى به الواجب لتضمنه مفهوم أحدها وتعدد ما صدق عليه أحدها إذا تعلق به الوجوب والتخيير يأبى كون متعلقى الوجوب والتخيير واحدًا كما لو حرّم واحدًا من أمرين وأوجب واحدًا فإن معناه أيهما فعلت حرم الآخر وأيهما تركت