قال:(مسألة: حذف بعض الخبر جائز عند الأكثر إلا فى الغاية والاستثناء ونحوه مثل حتى تزهى وإلا سواء بسواء فإنه ممتنع).
أقول: هل يجوز حذف بعض الخبر ورواية الباقى؟ الأكثر على أنه جائز إذا كان مستقلًا لأنهما كخبرين، وأما إذا تعلق بالمذكور تعلقًا يغير المعنى كما فى الغاية نحو:"لا تباع النخلة حتى تزهى" أو الاستثناء نحو: "لا يباع مطعوم بمطعوم إلا سواء بسواء" لم يجز حذفه لاختلال المعنى المقصود.
قال:(مسألة: خبر الواحد فيما تعم به البلوى كابن مسعود فى مس الذكر وأبى هريرة فى غسل اليدين ورفع اليدين مقبول عند الأكثر خلافًا لبعض الحنفية لنا قبول الأمة له فى تفاصيل الصلاة وفى نحو الفصد والحجامة وقبول الفاسق وهو أضعف، قالوا: العادة تقضى بنقله متواترًا وردّ بالمنع وتواتر البيع والنكاح والطلاق والعتق اتفاق، أو كان مكلفًا بإشاعته).
أقول: إن من القضايا ما تعم به البلوى لحاجة الكل إليه كالصلاة ومقدماتها فهل يسمع فيه خبر الواحد وذلك كخبر ابن مسعود فى مس الذكر أنه ينقض الوضوء، وكخبر أبى هريرة فى غسل اليدين عند القيام من النوم، وكما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه عند إرادة الركوع ذهب بعض الحنفية إلى أنه لا يقبل والأكثر على قبوله، لنا قبول الأمة به فى تفاصيل الصلاة ووجوب الغسل من التقاء الختانين وهما مما تعم به البلوى، وأيضًا قبوله فى نحو الفصد والحجامة والقهقهة فى الصلاة فالحنفية أوجبوا بها الوضوء، وهو منها فجوابه وأيضًا قبل القياس فى نحوه مع أنه أضعف من خبر الواحد لما ستعرفه فخبر الواحد أولى بالقبول.
قالوا: العادة تقضى فى مثله بالتواتر لتوفر الدواعى على نقله ولما لم يتواتر علم كذبه.
الجواب: منع قضاء العادة بتواتره لما تقدَّم من الصور فإن قيل لو صح لوجب عليه أن يلقيه إلى عدد التواتر لئلا يؤدى إلى بطلان صلاة أكثر الناس كالبيع والنكاح والطلاق والعتق، قلنا: لا نسلم الوجوب وإبطال الصلاة يكون فيمن بلغه خاصة، وأما البيع وأخواته فاتفق فيه التواتر وإن لم يجب أو كان مكلفًا بإشاعته خاصة دون غيره وليس ذلك من العادة فى شئ.