فالمنقول إما خاص وإما عام، والخاص إما قال بمنطوقه أو لا بمنطوقه، فالخاص الدال بمنطوقه يقدم على المعقول من قياس أو استدلال، والخاص الدال لا بمنطوقه له درجات مختلفة فى القوة والضعف والترجيح له أو عليه بحسب ما يقع للناظر من قوة الظن، وأما العام مع القياس فقد تقدَّم حكمه فى أنه هل يجوز التخصيص بالقياس أو لا؟ .
قال:(وأما الحدود السمعية فترجح بالألفاظ الصريحة على غيرها وبكون المعروف أعرف وبالذاتى على العرضى وبعمومه على الآخر لفائدته وقيل بالعكس للاتفاق عليه وبموافقته النقل الشرعى أو اللغوى أو قربه وبرجحان طريق اكتسابه وبعمل المدينة والخلفاء الأربعة أو العلماء ولو واحد أو بتقرير حكم الحظر أو حكم النفى وبدرء الحد).
أقول: ما مر وجوه الترجيح فى الأدلة، وأما الحدود، فمنها عقلية كتعريفات الماهيات ومنها سمعية كتعريفات الأحكام، وهذا هو الذى يتعلق به غرضنا فترجح بوجوه:
الأول: يرجح أحد بألفاظ صريحة على ما فيه تجوز أو استعارة أو اشتراك أو غرابة أو اضطراب.
الثانى: كون المعرف فى أحدهما أعرف منه فى الآخر.
الثالث: كونه بذاتى والآخر بعرضى.
الرابع: أن يكون مدلول أحدهما أعم من مدلول الآخر فيترجح الأعم ليتناول ذلك وغيره فتكثر الفائدة، وقيل بل يقدم الأخص للاتفاق على ما يتناوله لتناول الحدين له بخلاف الباقى فإنه مختلف فيه والمتفق عليه أولى.
الخامس: أن يكون على وفق النقل الشرعى أو اللغوى وتقريرًا لوضعهما، والآخر يخالف نقلهما فإن الأصل عدم النقل.
السادس: أن يكون أقرب إلى المعنى المنقول عنه شرعًا أو لغة لأن النقل لو كان للمناسبة فالأقرب أولى.
السابع: أن يكون طريق اكتسابه أرجح من طريق اكتساب الآخر، لأنه أغلب على الظن.