قال:(الدليل لغة المرشد والمرشد الناصب والذاكر وما به الإرشاد وفى الاصطلاح ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبرى وقيل إلى العلم به فتخرج الإمارة وقيل قولان فصاعدًا يكون عنه قول آخر وقيل يستلزم لنفسه فتخرج الأمارة).
أقول: لما كان استمداده من المواضع الثلاثة كان مبادئه منهما فشرع فى ذكرها، وهذه هى مبادئ الكلام. والدليل لغة يقال للمرشد وهو الناصب والذاكر ولما به الإرشاد وهذا ما صرح به فى الأحكام ولا يبعد أن يجعل للمرشد وهو للمعانى الثلاثة فإن ما به الإرشاد يقال له المرشد مجازًا. فيقال الدليل على الصانع هو الصانع أو العالِم أو العالَم واصطلاحًا أيضًا عند الأصوليين فما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبرى وذكر الإمكان لأن الدليل لا يخرج عن كونه دليلًا بعدم النظر فيه وقيد النظر بالصحيح لأن الفاسد لا يتوصل به إليه وإن كان قد يفضى إليه اتفاقًا وهذا يتناول الأمارة أى الظنى منه وربما قيل إلى العلم بمطلوب خبرى فلا يتناولها. وأما عند المنطقيين فقولان فصاعدًا يكون عنه قول آخر وهذا يتناول الأمارة لأنه يجمع القياس البرهانى والظنى والشعرى والسفسطى وربما قيل بدل يكون يستلزم لذاته قولًا آخر فتخرج الأمارة إذ يختص بالبرهانى منه فإن غيره لا يستلزم لذاته شيئًا فإنه لا علاقة بين الظن وبين شئ لانتفائه مع بقاء سببه وفيه بحث مذكور فى الكلام.
وأعلم أن الحاصل أن الدليل عندنا على إثبات الصانع هو العالم وعندهم أن العالم حادث وكل حادث فله صانع.
قوله:(لما كان استمداده من المواضع الثلاثة) أى الكلام والعربية والأحكام والآمدى يسميها المبادئ الكلامية والمبادئ اللغوية والمبادئ الفقهية، والشارح المحقق كان يتحاشى عن التصريح بأن الأصول تستمد من الفقه استبعادًا منه لكون مبادئ العلم مبينة فى علم أدنى مع أنه لم يعهد تصورات الأحكام فى علم الفقه ولذا يقول ههنا المواضع الثلاثة دون العلوم الثلاثة ويقول فى بحث الأحكام قد استوفى مبادئ هذا العلم من اللغات وما هى مبادئه من الأحكام، على أنه قد ذكر فيما سبق أن الاستمداد إجمالًا ببيان أنه من أى علم يستمد وبالجملة من دأب