الشارح فى هذا الكتاب سوق الكلام فى مظان اللبس على وجه الإبهام والاحتراز عن التصريح بالمرام، والحق أن مبادئ العلم قد تبين فى علم أدنى على ما صرح به ابن سينا وأن بيان مفهوم الأحكام وظيفة الفقه لكونها محمولات مسائله، هذا وكلام المصنف بعد مضطرب لأنه زاد فى المبادئ المتعلقة بالأحكام كثيرًا من المسائل التى ليست من الفقه وأورد المباحث المتعلقة بالعربية بعضها فى المبادئ كالحقيقة والمجاز والاشتراك وبعضها فى المقاصد كالعموم والخصوص والمنطوق والمفهوم ولم يورد فى المبادئ الكلامية شيئًا مما يتعلق بمعرفة البارى وصدق المبلغ ودلالة المعجزة؛ لأن ذلك فى نظر الأصولى منزلة البديهى بل اقتصر على ما لا يبعد أن يكون بالنسبة إلى الكلام أيضًا من المبادئ بل المقدمات بل ليس له اختصاص بالكلام كمباحث النظر الذى سائر العلوم فيه متساوية الأقدام نعم لما لم يكن فى العلوم الإسلامية ما يناسب مباحث النظر والاستدلال سوى علم الكلام أضافوها إليه وفى قوله مبادئ الكلام دون المبادئ الكلامية رمز إلى ما ذكرنا.
قوله:(ولا يبعد) بعيد لما فيه من إطلاق المرشد على معناه الحقيقى والمجازى جميعًا إلا أن يؤول بأن الدليل لغة ما يطلق عليه لفظ المرشد ثم ههنا بحث أما أولًا: فلأن الدليل فعيل بمعنى فاعل من الدلالة وهى أعم من الإرشاد والهداية وأما ثانيًا: فلأن قولنا الدليل لغة كذا معناه أن ذلك مفهومه بحسب وضع اللغة فلا يصح فى المعنى المجازى وليس هذا بمصرح فى كلام الآمدى لأنه قال: أما الدليل فقد يطلق فى اللغة بمعنى الدال وهو الناصب للدليل وقيل الذاكر له وقد يطلق على ما فيه دلالة وإرشاد وهو المسمى دليلًا فى عرف الفقهاء سواء أوصل إلى علم أو ظن، والأصوليون يفرقون فيخصون الدليل بما يوصل إلى علم والإمارة بما يوصل إلى ظن فحده عند الفقهاء مما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبرى وعند الأصوليين ما يمكن التوصل به إلى العلم بمطلوب خبرى والأقرب أن اصطلاح الأصول ما ذكره الشارح.
قوله:(الدليل على الصانع هو الصانع) لأنه الذى نصب العالم دليلًا عليه (أو العالم) بكسر اللام لأنه الذى يذكر للمستدلين كون العالم دليلًا على الصانع (أو العالم) بفتح اللام لأنه الذى به الإرشاد.
قوله:(لأن الدليل لا يخرج) يعنى أن الدليل معروض الدلالة وهى كون الشئ