قال:(مسألة: ووقع فى القرآن على الأصح كقوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، وعسعس لأقبل وأدبر قالوا: إن وقع مبينًا طال بغير فائدة وغير مبين غير مفيد وأجيب فائدته مثلها فى الأجناس وفى الأحكام الاستعداد للامتثال إذا بين).
أقول: هل وقع المشترك فى القرآن قد اختلف فيه والأصح أنه قد وقع لنا قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، وهو مشترك بين الحيض والطهر وقوله:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير: ١٧]، وهو مشترك بين أقبل وأدبر.
قالوا: إن وقع فى القرآن فإما أن بقع مبينًا أو غير مبين وكلاهما باطل أما وقوعه مبينًا فإنه يلزم التطويل بلا فائدة لإمكان بيانه بمنفرد لا يحتاج إلى البيان فلا يطول وأما وقوعه غير مبين فإنه لا يفيد وحاصله لزوم ما لا حاجة إليه أو ما لا يفيد وكلاهما نقص يجب تنزيه القرآن عنه.
والجواب: لا نسلم أن وقوعه غير مبين غير مفيد لأنه يفيد فائدة إجمالية كما فى أسماء الأجناس ثم له فى الأحكام خاصة فائدة وهى الاستعداد للامتثال إذا بين وأنه مطيع بالعزم على الامتثال والاستعداد له كما يعصى بخلافه.
قوله:(طال بغير فائدة) ممنوع إذ ربما يقع البيان بالمجموع أو يشتمل الإبهام ثم التفسير على زيادة بلاغة كما يقرره علم المعانى.
قوله:(فأما أن يقع مبينا) كأن بقال مثلًا: عسعس بمعنى أقبل أو لا بمعنى أدبر.
قوله:(لإمكان بيانه بمنفرد) أى ما ليس بمشترك فلا يحتاج إلى بيان كأن يقال: أقبل أو أدبر وقد يقال: ربما لم يكن للمعنى المقصود لفظ منفرد فلا يمكن بيانه به.
قوله:(وحاصله لزوم ما لا حاجة إليه) أى فى إفهام المقصود وذلك على تقدير البيان أو ما لا يفيد المقصود وذلك على تقدير عدمه.
قوله:(والجواب) يعنى يختار وقوعه فى القرآن غير مبين وحينئذ إما أن يتعلق بالأحكام أو بغيرها فعلى الثانى تحصل فائدة إجمالية كما فى أسماء الأجناس وقد عرفت أنها قد تكون مقصودة وعلى الأول تحصل فائدة أخرى أيضًا وقد يختار وقوعه فيه مبينًا ولا نقص لأن ذكر الشئ مجملًا أولًا ومفصلا ثانيًا أبلغ وأوقع.