قال:(مسألة: المكروه منهى عنه غير مكلف به كالمندوب ويطلق أيضًا على الحرام وعلى ترك الأولى).
أقول: هذه مسألة فذة تتعلق بالمكروه وفيها ثلاثة أبحاث:
الأول: أنه منهى عنه فى الأصح، والكلام فيه كما فى أن المندوب مأمور به.
الثانى: أنه ليس بتكليف خلافًا للأستاذ، والكلام فيه أيضًا كما فى المندرب.
الثالث: أنه يطلق على معنيين آخرين غير ما تقدَّم:
أحدهما: الحرام، وكثيرًا ما يقول الشافعى: أنا أكره هذا.
ثانيهما: ترك الأولى، ويقال ترك صلاة الضحى مكروه وإن لم يرد عنه نهى لكثرة الفضيلة فيها فكأن فى تركها حط مرتبة.
قوله:(والكلام فيه كما فى المندوب) إلا أنه لا يتأتى مثل الاستدلال الأول إذ لا يصح أنه معصية ويتأتى الثانى وهو الاتفاق على تقسيم النهى إلى نهى تحريم ونهى كراهة.
الشارح:(وكثيرًا ما يقول الشافعى أكره هذا) وكذا غيره وذلك أنهم كانوا يتورعون عن استعمال لفظ الحرام والحلال فى المجتهدات خشية وخوفًا من قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[النحل: ١١٦].
الشارح:(ثانيهما ترك الأولى) أى بناء على أن المكروه تنزيهًا لا يشمل خلاف الأولى لأن المكروه كراهة تنزيه ما ورد فيه نهى بخصوصه وخلاف الأولى ما ليس كذلك وأما على عدم الفرق فهى عينه والفرق اعتبارى فيعتبر فى خلاف الأولى ما تركه أولى وفى المكروه ما طلب تركه طلبًا غير جازم.