للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: إذا علم بفعل ولم ينكره قادرًا فإن كان كمضى كافر إلى كنيسة فلا أثر للسكوت اتفاقًا وإلا دل على الجواز، وإن سبق تحريمه فنسخ وإلا لزم ارتكاب محرّم، وهو باطل، فإن استبشر به فأوضح وتمسك الشافعى رضى اللَّه عنه فى القيافة بالاستبشار وترك الإنكار لقول المدلجى وقد بدت له أقدام زيد وأسامة رضى اللَّه عنهم: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، وأورد أن ترك الإنكار لموافقة الحق والاستبشار بما يلزم الخصم على أصله، لأن المنافقين تعرضوا لذلك، وأجيب بأن موافقة الحق لا تمنع إذا كان الطريق منكرًا وإلزام الخصم حصل بالقيافة فلا يصلح مانعًا).

أقول: إذا فعل فعل بحضرة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أو فى عصره وعلم به وكان قادرًا على الإنكار ولم ينكر فإن كان كمضى كافر إلى كنيسة يعنى مما علم أنه منكر له وترك إنكاره فى الحال لعلمه بأنه عليه الصلاة والسلام علم منه ذلك وبأنه لا ينفع فى الحال فلا أثر للسكوت ولا دلالته له على الجواز اتفاقًا وإن لم يكن كذلك دل على الجواز من فاعله ومن غيره إذا ثبت أن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة فإن كان مما سبق تحريمه فهذا نسخ لتحريمه وإنما دل على الجواز لأنه لو لم يكن جائزًا لزم ارتكابه عليه الصلاة والسلام لمحرّم وهو تقريره على المحرم وهو محرم عليه واللازم باطل لأنه خلاف الغالب من حاله، هذا إذا لم ينكر ولم يستبشر، وأما إذا استبشر فدلالته على الجواز أوضح وتمسك الشافعى رضى اللَّه عنه فى القيافة واعتبارها فى إثبات النسب بكلا الأمرين الاستبشار وعدم الإنكار فى قصة المدلجى وهو أنه قال وقد بدت له أقدام زيد وأسامة: هذه الأقدام بعضها من بعض واعترض على الشافعى بأن لا دلالة فى ذلك، أما الإنكار فلأن قول المدلجى وافق الحق اتفاقًا فالقول حق وإن كان الاحتجاج باطلًا وهو إنما أقر فى القول، وأما الاستبشار فلأنه حصل بما يلزم الخصم بناء على أصله لأنهم أى المنافقين كانوا تعرضوا لذلك أى لقضية زيد وأسامة وطعنوا فى نسب زيد لسواد أحدهما وبياض الآخر، ويكفى فى الإلزام أن القيافة عندهم حق فإن الإلزام لا يجب أن يكون بمقدمة حقة فى نفسها بل بما يسلمها الخصم.

والجواب عن الأول: أن القول بالشئ بسند منكر منكر، وإذا كان أصل الشئ حقًا فيحرم تقرير السند، وعن الثانى: أن الإلزام حصل بالقيافة حقة كانت أو

<<  <  ج: ص:  >  >>