للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (الندب، الوجوب يستلزم التبليغ والإباحة منتفية بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ. . .} [الأحزاب: ٢١]، وهو ضعيف).

أقول: القائلون بدلالة فعله على الندب قالوا: هو إما للوجوب أو للندب أو للإباحة لانتفاء المعصية، والوجوب باطل لأنه يستلزم التبليغ دفعًا للتكليف بما لا يطاق والفرض أن لا تبليغ إذ الكلام فيما وجد فيه مجرد الفعل وكذا الإباحة؛ لقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، فى معرض المدح، ولا مدح على المباح فتعين الندب، وهو المطلوب، وهذا ضعيف؛ لأن الندب والإباحة أيضًا يستلزم التبليغ، فإن وجوب التبليغ يعم الأحكام فلو انتفى الوجوب لذلك لانتفى الندب والإباحة فدليله مقلوب عليه، وأيضًا فلا مذكور فى الآية إلا حسن الأسوة، وقد علمت أن المباح حسن.

قال: (الإباحة هو المتحقق فوجب الوقوف عنده، أجيب إذا لم يظهر قصد القربة).

أقول: القائلون بدلالة فعله على الإباحة قالوا: الإباحة متحققة لانتفاء المعصية والوجوب والندب لم يثبتا لعدم الدليل والوقوف عند ما هو المتحقق أى إثباته ونفى ما لم يتحقق هو الواجب.

الجواب: أن ذلك حق فيما لم يقصد فيه القربة، ونعم الوفاق، وأما فيما ظهر فيه قصد القربة، وهو محل النزاع بيننا وبينكم فلا نسلم أنه لم يثبت الندب بل ثبت كما مر.

قوله: (أى إثباته ونفى ما لم يتحقق) تفسير للوقوف عند ما هو المتحقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>