قال:(المحكوم عليه: المكلَّف، مسألة: الفهم شرط التكليف، وقال به بعض من جوّز المستحيل لعدم الابتلاء. لنا لو صح لكان مستدعى حصوله منه طاعة كما تقدَّم ولصح تكليف البهيمة لأنهما سواء فى عدم الفهم. قالوا: لو لم يصح لم يقع، وقد اعتبر طلاق السكران وقتله وإتلافه وأجيب بأن ذلك غير تكليف بل من قبيل الأسباب كقتل الطفل وإتلافه، قالوا:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}[النساء: ٤٣]. قلنا: يجب تأويله إما بمثل لا تمت وأنت ظالم، وإما على أن المراد الثمل لمنعه التثبت كالغضب).
أقول: شرع فى المحكوم عليه وهو المكلَّف وذكر مباحثه فى مسائل هذه أولاها وهى: أن فهم المكلف للتكليف شرط لصحة التكليف عند المحققين وقد قال به كل من منع تكليف المحال لأن الامتثال بدون الفهم محال، وقد قال به بعض من جوّز تكليف المحال أيضًا لأن تكليف المحال قد يكون للابتلاء وهو معدوم ههنا لنا لو صح تكليف من لا يفهم لكان مستدعى حصول الفعل منه على قصد الطاعة والامتثال كما تقدَّم وأنه محال إذ لا يتصوّر ممن لا شعور له بالأمر قصد الفعل امتثالًا للأمر, قوله: امتثالا لأن الغافل عن الأمر بالفعل قد يصدر عنه الفعل اتفاقًا فنبه أن ذلك غير كافٍ فى سقوط التكليف بل لا بد من قصد الامتثال لئلا يتوهم أن ذلك إذا جاز فربما علم اللَّه منه ذلك فكلف به ولا يكون تكليف محال ولنا أيضًا لو صح لصح تكليف البهائم إذ لا مانع يُقَدَّر فى البهيمة إلا عدم الفهم وأنه ليس بمانع لتحققه فى صورة النزاع مع التكليف.
قالوا: أولًا: لو لم يصح تكليف الغافل لم يقع وقد وقع لأنه اعتبر طلاق السكران وقتله وإتلافه فكلف بموجبها.
الجواب: أنه ليس من قبيل التكليف بل من قبيل ربط الأحكام بأسبابها كاعتبار قتل الطفل وإتلافه، فإنه سبب لوجوب الضمان والدية من ماله على وليه وهو غير مكلف به قطعًا بل كربط وجوب الصوم بشهود الشهر.