للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الثالث: فساد الوضع وهو كون الجامع ثبت اعتباره بنص أو إجماع فى نقيض الحكم مثل مسح فيسن فيه التكرار كالاستطابة فيرد أن المسح معتبر فى كراهة التكرار على الخف، وجوابه ببيان المانع لتعرضه للتلف وهو نقض إلا أنه يثبت النقيض فإن ذكره بأصله فهو القلب فإن بين مناسبته للنقيض من غير أصل من الوجه المدعى فهو القدح فى المناسبة ومن غيره لا يقدح إذ قد يكون للوصف جهتان ككون المحل مشتهى يناسب الإباحة لإراحة الخاطر والتحريم لقطع أطماع النفس).

أقول: فساد الوضع حاصله إبطال وضع القياس المخصوص فى إثبات الحكم المخصوص وذلك لأن الجامع الذى يثبت به الحكم قد ثبت اعتباره بنص أو إجماع فى نقيض الحكم والوصف الواحد لا يثبت به النقيضان وإلا لم يكن مؤثرًا فى أحدهما لثبوت كل معه بدلًا مثاله: أن يقول فى التيمم مسح فيسن فيه التكرار، كالاستنجاء فيقول المعترض المسح لا يناسب التكرار، لأنه ثبت اعتباره فى كراهة التكرار فى المسح على الخف.

وجواب هذا الاعتراض ببيان وجود المانع فى أصل المعترض فيقال فى المثال إنما كره التكرار فى الخف لأنه يعرض الخف للتلف، واقتضاء المسح للتكرار باق.

واعلم أن فساد الوضع يشتبه بأمور ويخالفها بوجوه فنبه على ذلك لئلا يلتبس فمنه أنه يشبه النقض من حيث إنه بين فيه ثبوت نقيض الحكم مع الوصف إلا أن فيه زيادة وهو أن الوصف هو الذى يثبت النقيض وفى النقض لا يتعرض لذلك بل يقنع فيه بثبوت نقيض الحكم مع الوصف فلو قصد به ذلك لكان هو النقض ومنه أنه يشبه القلب من حيث إنه إثبات نقيض الحكم بعلة المستدل إلا أنه يفارقه بشئ وهو أن فى القلب يثبت نقيض الحكم بأصل المستدل وهذا يثبت بأصل آخر فلو ذكره بأصله لكان هو القلب ومنه أنه يشبه القدح فى المناسبة من حيث ينفى مناسبة الوصف للحكم لمناسبته لنقيضه إلا أنه لا يقصد ههنا بيان عدم مناسبة الوصف للحكم بل بناء نقيض الحكم عليه فى أصل آخر فلو بين مناسبته لنقيض الحكم بلا أصل كان قدحًا فى المناسبة.

واعلم أنه إنما يعتبر القدح فى المناسبة إذا كان مناسبته للنقيض وللحكم من وجه واحد وأما إن اختلف الوجهان فلا لأن الوصف قد يكون له جهتان يناسب

<<  <  ج: ص:  >  >>