للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (قالوا: يعرف المجاز بوجوه بصحة النفى كقولك للبليد ليس بحمار عكس الحقيقة لامتناع ليس بإنسان وهو دور وبأن يتبادر غيره لولا القرينة عكس الحقيقة وأورد المشترك فإن أجيب بأنه يتبادر غير معين لزم أن يكون المعين مجازًا وبعدم اطراده ولا عكس وأورد السخى والفاضل لغير اللَّه والقارورة للزجاجة فإن أجيب بالمانع فدور وبجمعه على خلاف جمع الحقيقة كأمور جمع أمر للفعل وامتناع أوامر ولا عكس وبالتزام تقييده نحو جناح الذل ونارًا للحرب وبتوقفه على المسمى الآخر مثل {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤]).

أقول: قال الأصوليون: يعرف المجاز بالضرورة بأن يصرح أهل اللغة باسمه أو بحدّه أو بخاصته وبالنظر بوجوه منها صحة النفى فى نفس الأمر كقولك للبليد ليس بحمار وإنما قلت: فى نفس الأمر ليندفع ما أنت بإنسان لصحته لغة وهذا بعكس الحقيقة فإن عدم صحة النفى علامة لها ولذلك لا يصح أن تقول للبليد: إنه ليس بإنسان الاعتراض عليه المراد بصحة سلبه سلب كل ما هو معناه حقيقة لأن معناه مجازًا لا يمكن سلبه وسلب بعض المعانى الحقيقية لا يفيد لجواز سلب بعض المعانى الحقيقية دون بعض فإذًا لا يعرف صحة سلبه إلا إذا علم كونه ليس شيئًا من المعانى الحقيقية وهو إنما يتحقق إذا علم أنه فيما استعمل فيه مجاز فإثبات كونه مجازًا به دور ووروده فى الحقيقة أظهر.

وقد يجاب بأن سلب بعض المعانى الحقيقية كاف فيعلم أنه مجاز فيه وإلا لزم الاشتراك وأيضًا فما ذكرت حق إذا أطلق اللفظ لمعنى لم يدر أحقيقة فيه أم مجاز أما إذا علم معناه الحقيقى والمجازى ولم يعلم أيهما المراد أمكن أن يعلم بصحة نفى المعنى الحقيقى عن المورد أن المراد هو المعنى المجازى فيعلم أنه مجاز.

ومنها: أن يتبادر غيره إلى الفهم لولا القرينة عكس الحقيقة فإنها تعرف بأن لا يتبادر غيره لولا القرينة الاعتراض يرد عليه المشترك إذا استعمل فى معناه المجازى إذ لا يتبادر غيره للتردد بين معانيه وعدم تبادر شئ منها وأنه علامة الحقيقة وليس بحقيقة فإن أجيب بأنا لا نسلم أنه لا يتبادر غيره بل يتبادر أحد معنييه لا على التعيين وهو غيره قلنا: لو صح ذلك لصدق على العين أنه يتبادر غيره إذ غير المعين غير المعنى وذلك علامة المجاز فليكن مجازًا فى المعين فلا يكون مشتركًا بل متواطئًا وقد يجاب بأنه إنما صح ذلك لو تبادر أحدهما لا بعينه على أنه المراد

<<  <  ج: ص:  >  >>