واللفظ موضوع للقدر المشترك مستعمل فيه وأما إذا علم أن المراد أحدهما بعينه إذ اللفظ يصلح لهما وهو مستعمل فى أحدهما ولا نعلمه فذلك كاف فى كون المتبادر غير المجاز فلا يلزم كونه للمعين مجازًا.
ومنها: عدم اطراده بأن يستعمل لوجود معنى فى محل ولا يجوز استعماله فى محل آخر مع وجود ذلك المعنى فيه كما تقول {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] , لأنه سؤال لأهلها ولا تقول: اسأل البساط وإن وجد فيه ذلك وهذا لا ينعكس أى ليس الاطراد دليل الحقيقة فإن المجاز قد يطرد كالأسد للشجاع الاعتراض السخى يطلق على غير اللَّه للجود واللَّه جواد ولا يقال له سخى وكذا الفاضل يطلق عليه للعلم واللَّه عالم ولا يقال له فاضل والقارورة تطلق على الزجاجة لاستقرار الشئ فيها والدن والكوز مما يستقر فيه الشئ ولا يسمى قارورة فإن أجيب عنه بأن المراد أنه يعرف بأن لا يطرد من غير مانع لغة أو شرعًا ولم يتحقق فيما ذكرتم من الأمثلة فإن الشرع منع السخى والفاضل للَّه واللغة منعت القارورة لغير الزجاجة قلنا: هذا دور فيجب أن لا تحصل المعرفة بهذا الطريق بيانه عدم اطراده إنما يعلم بسببه لأنه ممكن وهو إما عدم المقتضى أو وجود المانع وقد فرض أن لا مانع فهو لعدم المقتضى ولا مقتضى لصحة الإرادة إلا الوضع فينبغى أن يعلم وضعه لمقيد بقيد يختص بذلك المحل لا يتعداه إلى آخر ليعلم عدم جواز إرادة ذلك الآخر منه فإذًا يعلم عدم الاطراد بعدم الوضع وعدم الوضع بعدم الاطراد وهو الدور.
وقد يجاب بأن السخى لما دار بين كونه للجواد والجواد ممن شأنه أن يبخل ثم وجدناه لا يطلق على اللَّه تعالى مع جوده علمنا أنه ليس للجواد المطلق بل للجواد المقيد وهذا هو المراد وأنه واضح ولا يلزم الدور ولا النقض وكذا الآخران.
ومنها: جمعه على صيغة مخالفة لصيغة جمعه لمسمى آخر هو فيه حقيقة.
ووجه دلالته أنه لا يكون متواطئًا فيهما فإما مشترك أو حقيقة ومجاز وستعلم أن المجاز أولى مثاله أمور جمعًا للأمر بمعنى الفعل. ويمتنع أوامر الذى هو جمع الأمر بمعنى القول الذى هو حقيقة فيه باتفاق وهذا لا ينعكس إذ المجاز قد لا يجمع بخلاف جمع الحقيقة كالخمر والأسد.
ومنها: التزام تقييده فلا يستعمل فى ذلك المعنى عند الإطلاق نحو نار الحرب وجناح الذل.