قال:(حد الأمر اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء).
أقول: ذكر للأمر حدود فمنها صحيح ومنها مزيف فالصحيح عنده أنه اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء، فالاقتضاء جنس، وقوله غير كف يخرج النهى لما علمت أنه يقتضى الكف وهو فعل، وقوله: على سبيل الاستعلاء يخرج ما على سبيل التسفل، وهو الدعاء، وما على سبيل التساوى وهو الالتماس، واشترط الاستعلاء كما هو رأى أبى الحسين ولم يهمل هذا الشرط كما هو رأى الأشعري، ولم يشترط العلو كما هو رأى المعتزلة، لذمهم الأدنى بأمر الأعلى ويرد عليه كف نفسك فإنه أمر بالكف وأن الحق أنه لا يشترط الاستعلاء لقوله تعالى حكاية عن فرعون:{فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}[الشعراء: ٣٥].
قوله:(اقتضاء فعل) لما كان العمدة فى الكلام عند الأشاعرة هو النفسى عرّف الأمر على ما هو النفسى الذى لا يختلف بالأوضاع واللغات ليعلم أن اللفظى هو ما يدل عليه من أى لغة كانت.
قوله:(لما علمت) أى فى أول تقسيم الحكم حيث قال إن الطلب، وأما الفعل ففى النهى الكف لكن ينبغى أن يعلم أنه اقتضاء الكف لا ما يقتضى الكف.
قوله:(لذمهم الأدنى بأمر أعلى) تعليل لعدم إهمال شرط الاستعلاء وعدم اشتراط العلو وذلك لأن العقلاء يذمون الأدنى بسبب أنه أمر الأعلى فلو اشترط العلو لما كان هذا أمرًا ولولا أن فيه الاستعلاء لما استحق الذم وهذا مع ظهوره قد خفى على بعضهم حتى توهم أنه دليل للمعتزلة فى اشتراط العلو.
قوله:(ويرد عليه) قد أجاب العلامة بأن المراد فعل غير كف لا يكون قد اشتق منه اللفظ الدال على الاقتضاء، وذلك بأن لا يكون كفًا كما فى أخذت أو كان ولكن قد اشتق منه الصيغة مثل اكفف ولم يرتضه المحقق لبعده وعدم دلالة اللفظ عليه أصلًا لكن نقول لا خفاء فى أن المراد الكف عما هو مأخذ الاشتقاق عند العود إلى الكلام اللفظى فيدخل اكفف ويخرج لا تكفف.
قوله:(وأن الحق) أى ويرد عليه أن اشتراط الاستعلاء مخالف لما عليه الاستعمال إذ قد أطلق الأمر حيث لا يتصوّر الاستعلاء كما فى قوله تعالى حكاية عن فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}[الشعراء: ٣٥]، والأصل الحقيقة وله أن يجيب بأنه