قال:(الاستحسان: قال به الحنفية والحنابلة وأنكره غيرهم حتى قال الشافعى من استحسن فقد شرع ولا يتحقق استحسان مختلف فيه فقيل دليل ينقدح فى نفس المجتهد تعسر عبارته عنه قلنا إن شك فيه فمردود وإن تحقق فمعمول به اتفاقًا وقيل هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى ولا نزاع فيه، وقيل تخصيص قياس بأقوى منه ولا نزاع فيه وقيل هو العدول إلى خلاف النظير لدليل أقوى ولا نزاع فيه، قيل العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة الناس كدخول الحمام وشرب الماء من السقاء قلنا مستنده جريانه فى زمانه أو زمانهم مع علمهم من غير إنكار أو غير ذلك وإلا فهو مردود فإن تحقق استحسان مختلف فيه قلنا لا دليل يدل عليه فوجب تركه. قالوا:{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ}[الزمر: ٥٥]، قلنا أى الأظهر والأولى، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللهَ حسن، يعنى الإجماع وإلا لزم العوام).
أقول: الاستحسان قال الحنفية والحنابلة بكونه دليلًا، وأنكره غيرهم حتى قال الشافعى من استحسن فقد شرع يعنى من أثبت حكمًا بأنه مستحسن عنده من غير دليل من قبل الشارع فهو الشارع لذلك الحكم لأنه لم يأخده من الشارع وهو كفر أو كبيرة، والحق أنه لا يتحقق استحسان مختلف فيه لأنهم ذكروا فى تفسيره أمورًا لا تصلح محلًا للخلاف لأن بعضها مقبول اتفاقًا وبعضها مردد بين ما هو مقبول اتفاقًا وبين ما هو مردود اتفاقًا، فقيل دليل ينقدح فى نفس المجتهد ويعسر عليه التعبير عنه وهذا من المتردد بين القبول والرد إذ نقول ما المعنى بقوله ينقدح إن كان بمعنى أنه يتحقق ثبوته فيجب العمل به اتفاقًا ولا أثر لعجزه عن التعبير فإنه يختلف بالنسبة إلى الغير وأما بالنسبة إليه فلا وإن كان بمعنى أنه شاك فيه فهو مردود اتفاقًا إذ لا تثبت الأحكام بمجرد الاحتمال والشك.
وقيل: هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى وهذا مما لا نزاع فى قبوله.
وقيل: تخصيص قياس بأقوى منه وهذا أيضًا مما لا نزاع فى قبوله.
وقيل: العدول إلى خلاف النظير لدليل أقوى منه وهذا أيضًا مما لا نزاع فى قبوله.