قال:(والقياس جلى وخفى، فالجلى ما قطع بنفى الفارق فيه كالأمة والعبد فى العتق وينقسم إلى قياس علة وقياس دلالة، وقياس فى معنى الأصل، فالأول ما صرح فيه بالعلة، والثانى ما يجمع فيه بما يلازمها كما لو جمع بأحد موجبى العلة فى الأصل لملازمة الآخر له كقياس قطع الجماعة بالواحد على قتلها بالواحد بواسطة الاشتراك فى وجوب الدية عليهم، والثالث الجمع بنفى الفارق).
أقول: القياس تلحقه القسمة باعتبارين: باعتبار القوة وباعتبار العلة.
الأول: باعتبار القوة وهو إما جلى أو خفى، فالجلى ما علم فيه نفى الفارق بين الأصل والفرع قطعًا، مثله: قياس الأمة على العبد فى أحكام العتق كالتقويم على معتق الشقص فإنا نعلم قطعًا أن المذكورة والأنوثة فيها مما لم يعتبره الشارع وأن لا فارق إلا ذلك، والخفى بخلافه وهو ما يكون نفى الفارق فيه مظنونًا كقياس النبيذ على الخمر فى الحرمة إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة ولذلك اختلف فيه.
الثانى: باعتبار العلة وهو قياس علة، وقياس دلالة، وقياس فى معنى الأصل، فالأول وهو قياس العلة ما صرح فيه بالعلة كما يقال فى النبيذ: مسكر فيحرم كالخمر، الثانى وهو قياس الدلالة أن لا يذكر فيه العلة بل وصف ملازم لها كما لو علل فى قياس النبيذ على الخمر برائحته المشتدة، وحاصله إثبات حكم فى الفرع هو وحكم آخر وهو الرائحة توجبها علة واحدة فى الأصل فيقال: يثبت هذا الحكم فى الفرع لثبوت الآخر فيه، وهو ملازم له، فيكون قد جمع بأحد موجبى العلة فى الأصل لوجوده فى الفرع بين الأصل والفرع فى الموجب الآخر لملازمة الآخر له ويرجع إلى الاستدلال بأحد الموجبين على العلة وبالعلة على الموجب الآخر لكن يكتفى بذكر موجب العلة عن التصريح بها، مثاله أن يقال يقطع الجماعة بالواحد إذا اشتركوا فى قطع يده كما يقتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا فى قتله، والجامع وجوب الدية عليهما فى الصورتين وذلك أن الدية والقصاص موجبان للجناية لحكمة الزجر فى الأصل وقد وجد فى القطع أحدهما وهو الدية فيوجب الآخر وهو القصاص عليهم لأنهما متلازمان نظرًا إلى اتحاد علتهما وحكمتهما.
الثالث: وهو القياس فى معنى الأصل أن يجمع بنفى الفارق ويسمى تنقيح