قال: (مسألة: مذهب الصحابى ليس حجة على صحابى اتفاقًا والمختار: ولا على غيرهم، وللشافعى وأحمد قولان فى أنه حجة مقدمة على القياس، وقال قوم إن خالف القياس، وقيل الحجة قول أبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما، لنا لا دليل عليه فوجب تركه وأيضًا لو كان حجة على غيرهم لكان قول الأعلم الأفضل حجة على غيره إذ لا يقدر فيهم أكثر واستدل لو كان حجة لتناقضت الحجج وأجيب بأن الترجيح أو الوقف أو التخيير يدفعه كغيره واستدل لو كان حجة لوجب التقليد مع إمكان الاجتهاد وأجيب إذا كان حجة فلا تقليد، قالوا:"أصحابى كالنجوم"، "اقتدوا باللذين من بعدى"، وأجيب بأن المراد المقلدون لأن خطابه للصحابة. قالوا: ولى عبد الرحمن عليًا رضى اللَّه عنهما بشرط الاقتداء بالشيخين فلم يقبل وولى عثمان فقبل، ولم ينكر فدل على أنه إجماع. قلنا: المراد متابعتهم فى السيرة والسياسة وإلا وجب على الصحابى التقليد. قالوا: إذا خالف القياس فلا بد من حجة نقلية. وأجيب بأن ذلك يلزم الصحابى ويجرى فى التابعين مع غيرهم).
أقول: لا نزاع فى أن مذهب الصحابى ليس حجة على صحابى آخر وأما على غير الصحابى فقد اختلف فيه والمختار أنه ليس بحجة وقيل بل حجة مقدمة على القياس وللشافعى فيه قولان، وكذا لأحمد، وقال قوم إن خالف القياس فحجة وقيل الحجة قول أبى بكر وعمر دون سائر الصحابة، لنا لا دليل على كونه حجة بالأصل فوجب تركه لأن إثبات الحكم الشرعى من غير دليل لا يجوز، ولنا أيضًا لو كان مذهبه حجة لكان قول الأعلم الأفضل حجة على غيره واللازم منتفٍ بالإجماع، بيانه أنه لا شئ يقدر فى الصحابى موجبًا لكون قوله حجة على غيره إلا كونه أعلم وأفضل من الغير لمشاهدة الرسول وأحواله -صلى اللَّه عليه وسلم- فلو كان ذلك موجبًا لاستلزم الحجية فى كل أعلم أفضل من غيره، وحاصله قياس السبر ودعوى الحصر ونفى الغير ضرورة فيصير قطعيًا واستدل لو كان قوله حجة لزم تناقض الحجج لاختلاف الصحابة ومناقضة بعضهم بعضًا كما فى مسألة الجد، وأنت علىَّ حرام، وغيره واللازم باطل لإفضائه إلى ثبوت النقيضين.