للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الواجب على الكفاية على الجميع ويسقط بالبعض لنا إثم الجميع بالترك باتفاق، قالوا: يسقط بالبعض قلنا استبعاد، قالوا: كما أمر بواحد مبهم أمر ببعض مبهم قلنا إثم واحد مبهم لا يعقل، قالوا: فلولا نفر قلنا يجب تأويله على المسقط جمعًا بين الأدلة).

أقول: هذه مسائل تتعلق بالواجب هذه أولاها: وهو فى الواجب على الكفاية نحو الجهاد مما يحصل الغرض منه بفعل البعض وحكمه أنه يجب على الجميع ويسقط بفعل البعض وقيل بل إنما يجب على البعض لنا أن الجميع إذا تركوه يأثمون وهو معنى الوجوب احتج المخالفون بوجوه:

قالوا: أولًا: يسقط بفعل البعض ولو وجب على الجميع لما سقط.

الجواب: هذا استبعاد ولا مانع من سقوط الواجب على الجميع بفعل البعض إذا حصل به الغرض كما يسقط ما فى ذمة زيد بأداء عمرو عنه، والاختلاف فى طرق الإسقاط لا يوجب الاختلاف فى الحقيقة كالقتل للردة والقصاص فإن الأول يسقط بالتوبة دون الثانى.

قالوا: ثانيًا: كما يجوز الأمر بواحد مبهم اتفاقًا يجوز أمر بعض مبهم، فإن الذى يصلح مانعًا هو الإبهام، وقد علم إلغاؤه.

الجواب: الفرق بأن إثم واحد غير معين لا يعقل بخلاف الإثم بواحد غير معين.

قالوا: ثالثًا: قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: ١٢٢]، وهو تصريح بالوجوب على طائفة غير معينة من الفرقة.

والجواب: أن الظاهر يؤول للدليل فيحمل على غير ظاهره جمعًا بين الأدلة فإنه أولى من إلغاء دليل بالكلية وقد دل دليلنا على الوجوب على الجميع فيؤول هذا بأن فعل الطائفةكان الفرقة مسقط للوجوب عن الجميع.

قوله: (على الجميع) أى على كل واحد وقيل المراد الجميع من حيث هو إذ لو تعين على كل واحد كان إسقاطه عن الباقين دفعًا للطلب بعد تحققه؛ فيكون نسخًا فيفتقر إلى خطاب جديد ولا خطاب فلا نسخ فلا سقوط؛ بخلاف الإيجاب على الجميع من حيث هو فإنه لا يستلزم الإيجاب على كل واحد ويكون التأثيم للجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>