للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(مبادئ اللغة)]

قال: (مبادئ اللغة: ومن لطف اللَّه تعالى إحداث الموضوعات اللغوية فلنتكلم على حدها وأقسامها وابتداء وضعها وطريق معرفتها. الحد كل لفظ وضع لمعنى).

أقول: من لطف اللَّه تعالى إحداث الموضوعات اللغوية فإنه لما علم حاجة الناس إلى تعريف بعضهم بعضًا ما فى أنفسهم من أمر معاشهم للمعاملات والمشاركات وأمر معادهم لإفادة المعرفة والأحكام أقدرهم على الصوت وتقطيعه على وجه يدل على ما فى النفس بسهولة لأنه كيفية للنفس الضرورى فخفت المؤنة وعمت الفائدة لتناولها للموجود والمعدوم والمحسوس والمعقول ووجودها مع الحاجة وانقضائها مع انقضائها وفيه من اللطف ما لا يخفى فلنتكلم على حدها وأقسامها وابتداء وضعها وطريق معرفتها لأن التفكر فى ألطاف اللَّه تعالى شكر على أن الحاجة ماسة فى هذا الفن إليه لما مر فى العربية. أما حدها: فكل لفظ وضع لمعنى ولفظ الكل لا يذكر فى الحد لأنه للماهية من حيث هى هى ولا يدخل فيها عموم ولأنه يجب صدقه على كل فرد ولا يصدق بصفة العموم وقد ذكره إما للإشعار بأنه لا يختص بقوم دون قوم وإما لأنه يحد الموضوعات اللغوية بصفة العموم فوجب اعتبارها فيه فكأنه قال: معنى قولنا: الموضوعات اللغوية كذا وكذا أن كل لفظ وضع لمعنى كذا وكذا وإن كان بين ظاهريهما فرق ستعرفه.

قوله: (لأن التفكر) بيان لترتب هذا الكلام على قوله: ومن لطف اللَّه لكن لا يخفى أنه مرتب على ما دل عليه الكلام من الاحتياج إلى التعرض للمبادئ الكلامية على ما أشار إليه بقوله (على أن الحاجة ماسة فى هذا الفن إليه) أى إلى التكلم على هذه الأمور (لما مر فى) بيان استمداد هذا الفن من (العربية).

قوله: (ولفظ الكل) إبراد لفظ الكل فى المحدود فاسد من جهة أن الحد للماهية لا للأفراد وفى الحد فاسد من جهة أنه لا يصدق على شئ من الأفراد، والشارح علل عدم ذكرها فى الحد بوجهين تنبيهًا على أن الحد نفس المحدود فى الحقيقة فلا يذكر ما يدل على الأفراد لا فى الحد ولا فى المحدود.

<<  <  ج: ص:  >  >>