قوله:(فكأنه قال) يعنى أن ما ذكر تعريف لفظى للمحكوم عليه فى قولنا الموضوعات اللغوية توقيفية مثلًا فإن معناه أن كل لفظ موضوع فهو توقيفى، لكن الظاهر من صيغة الحمع العرف باللام تعلق الحكم بالمجموع، أو بكل جمع من الجموع ومن قولنا كل لفظ تعلقه بكل واحد من الأفراد على ما ذهب إليه من قال إن استغراق المفرد أشمل فيجوز أن يكون هذا المعنى قوله (وإن كان بين ظاهريهما فرق) لكن لا فرق فى التحقيق لما أن الحكم فى الجمع أيضًا على كل فرد من الأفراد على ما شهد به تتبع موارد الاستعمال وإطباق أئمة التفسير والأصول والنحو، وقد أشبعنا الكلام فى شرح التلخيص ويجوز أن يكون وجه الفرق أنه يعتبر فى عموم الجمع المحلى باللام الهيئة الاجتماعية بخلاف عموم كل الأفراد.
قوله:(من لطف اللَّه تعالى) يعنى من لطف اللَّه سبحانه (بعباده إحداث الوضوعات اللغوية فإنه) أى اللَّه والفاء لتفصيل ما قبلها إذ من حقه أن يعقب الإجمال (لما علم حاجة الناس إلى تعريف بعضهم بعضًا) وإعلامهم إياهم (ما فى أنفسهم) وضمائرهم (من أمر معاشهم للمعاملات والمشاركات) وذلك لأن الإنسان الواحد لا يستقل بمؤنته فى معيشته لاحتياجه فى بقائه إلى مأكل وملبس ومسكن صناعية ولا تكفيه الأمور الطبيعية للطف مزاجه وقربه من الاعتدال الحقيقى بخلاف سائر الحيوانات ثم إن تحصيلها بالصناعة لا يتم إلا بمعاونة من أبناء نوعه ومشاركة معهم ومعاملة بينهم ليشتغل كل واحد أو جماعة متعاونون ببعضها فيحصلون منه ما يكفيهم ويفضل منهم ويتعاملون بأن يعطى هذا ذاك ما فضل عنه ويأخذ منه ما يحتاج إليه مما حصله ذاك الآخر زائدًا على كفايته فينتظم أمر المعاش ولا شك أن المشاركة والمعاملة يحتاجان إلى أن يعلم بعضهم بعضًا ما فى ضمائرهم من الحوائج المتعلقة بأمر المعاش.
قوله:(وأمر معادهم لإفادة المعرفة والأحكام) أى الناس محتاجون إلى تعريف بعضهم بعضًا فى فى أنفسهم من أمر معادهم لإفادة معرفة الصانع جل جلاله بصفات ذاته وأفعاله المتعلقة بالدنيا كإرسال الرسل وإنزال الكتب أو بالعقبى كحشر الأجساد ورد الأرواح إليها وما يتبعه من الثواب والعقاب ولإفادة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعالهم وذلك لأن الإنسان مخلوق لمعرفة البارئ سبحانه وعبادته ومكلف