وأجيب بأن معنى كون المكلف به مقدورًا عندنا أن يكون هو أو ضده متعلقًا للقدرة والإيمان وإن لم يكن متعلقًا للقدرة من الكافر لكن تركه بالتلبس بضده الذى هو الكفر مقدور له، والحق أن الشرط فى التكليف أن يكون قبل الفعل متمكنًا منه والقدرة بهذا المعنى هى شرط التكليف موجودة قبل الفعل نعم القدرة المتعلقة بالفعل المستجمعة لجميع الشرائط التى يوجد بها أو يخلقه اللَّه عندها هى مع الفعل البتة ولعل مراد الأشعرى هذا، وأما إنكار القدرة قبل الفعل رأسًا فالأشعرى أجل من أن يتفوه به فضلًا عن أن يتخذه مذهبًا. اهـ.
قوله:(على ما سيجئ من أن النهى لا يقتضى صحة المنهى عنه) أى فلا يقال إن المنهى عنه إذا لم يكن صحيحًا كان النهى منعًا للمنع وطلبًا لتحصيل الحاصل لأنه ممتنع لهذا المنع.
قوله:(وأما ما يقال. . . إلخ) جواب عن لزوم تكليف إيجاد الموجود لمذهب الشيخ من بقاء التكليف حال الحدوث.
قوله:(فيرفع النزاع) أى بين الشيخ وغيره من إمام الحرمين والمعتزلة لما فيه من تسليم أن التكليف بكل جزء ينقطع. . . إلخ. أى لأنه لا أجاب بأن المجموع لم يحصل حال الحدوث وهو المكلف به بالذات فلم يلزم طلب تحصيل الحاصل فقد سلم أن التكليف بكل جزء لا يصح بقاؤه لئلا يلزم ذلك المحذور فينقطع التكليف بكل جزء حال حدوثه والتكليف إنما هو بكل جزء قبل التلبس به فحينئذ لا نزاع فى انقطاع التكليف حال الحدوث فلا يصح أن يكون هذا جوابًا لتصحيح مذهب الشيخ على أنه لا يتجه فى الآنيات لأن حدوثها ليس شيئًا فشيئًا.
قوله:(على أن هذا) أى كون المكلف به المجموع الذى لا يتحقق إلا بآخر جزء من الفعل يقتضى أن التكليف يكون قبل التلبس بالمكلف به، بل القول ببقاء التكليف حال الحدوث يقتضى أن التكليف سابق حال الحدوث وأنه يستمر بعده وذلك كله لا يستقيم على ما نقل عن الشيخ من أن التكليف إنما يتعلق عند المباشرة.