للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قديم لا يعقل إلا متعلقًا بمطلوب، وهو غير تنجيز التكليف، وأما ما ذكره فى امتناع بقاء تنجيز التكليف حال حدوث الفعل من أنه تكليف بإيجاد الموجود وهو محال فغلطة فإن المحال إيجاد الموجود بوجود سابق لا بوجود حاصل بهذا الإيجاد على ما سيجئ من أن النهى لا يقتضى صحة المنهى عنه وكذا ما ذكره من انتفاء فائدة التكليف لأنا لا نسلم أن الابتلاء فائدة بقاء التكليف بل ابتدائه وأما ما يقال من أن التكليف يتعلق بالذات لمجموع الفعل من حيث هو المجموع وهو لم يوجد حال حدوث الفعل وإنما يتعلق بالأجزاء بالعرض فما لم يتحقق المجموع لم ينقطع التكليف فيرفع النزاع لما فيه من تسليم أن التكليف بكل جزء ينقطع عند مباشرته وإن كان باقيًا باعتبار جزء آخر متوقع الحدوث على أن هذا بل القول بالبقاء عند الحدوث لا يستقيم على مذهب الأشعرى على ما نقل عنه فى الكتب المشهورة من أن التكليف إنما يتعلق عند المباشرة لا قبلها.

قوله: (وما نقل عن الأشعرى إنما يتوجه عند المباشرة مشكل) قال فى المواقف وحاشيته: قال الشيخ وأصحابه: القدرة الحادثة مع الفعل ولا توجد قبله وإلا لأمكن الفعل قبل الفعل فليفرض وجوده فيه فهى حال الفعل هذا خلف يعنى لو وجدت القدرة الحادثة قبل الفعل فى وقت معين لكان الفعل مقدورًا فيه إذ لا قدرة بدون المقدور، والتالى باطل لأنه يلزم اجتماع النقيضين ثم قال: وقال أكثر المعتزلة: إن القدرة الحادثة وتعلقها قبل الفعل ولهم على ذلك أدلة أولها: أنها لو كانت حال الفعل للزم إيجاد الموجود لأن تعلقها معناه الإيجاد وإيجاد الموجود محال، ورد بأن إيجاده بذلك الوجود الذى هو أثر الإيجاد لا استحالة فيه والتأثير مع حصول الأثر وإن تأخر عنه فى الرتبة ثانيها: أن وجود القدرة مع الفعل لا قبله يوجب حدوث قدرة اللَّه تعالى أو قدم المقدور، ورد بأن قدرته تعالى مخالفة فى الماهية للقدرة الحادثة التى لا يجوز أن تكون عندنا قبل الفعل فلا يلزم من تقدم القدرة القديمة حدوثها أو قدم المقدور الذى هو الفعل ولما تعلق معنوى فى الأزل لا يترتب عليه وجود الفعل فى الأزل ولها تعلق حادث حال حدوث الفعل، ثالثها: أنه يلزم أن لا يكون الكافر مكلفًا بالإيمان لأنه غير مقدور له بل لا يتصور عصيان من أحد إذ مع الفعل لا عصيان وبدونه لا قدرة فلا تكليف فلا عصيان،

<<  <  ج: ص:  >  >>