للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: قال الأشعرى: لا ينقطع التكليف بفعل حال حدوثه ومنعه الإمام والمعتزلة فإن أراد الشيخ أن تعلقه لنفسه فلا ينقطع بعده أيضًا وإن أراد أن تنجيز التكليف باق فيكلف بإيجاد الموجود وهو محال ولعدم صحة الابتلاء فتنتفى فائدة التكليف، قالوا مقدور حينئذ باتفاق فيصح التكليف به، قلنا بل يمتنع بما ذكرناه).

أقول: التكليف بالفعل ثابت قبل حدوثه وينقطع بعد الفعل اتفاقًا، وهل هو باق حال حدوثه لا ينقطع؟ قال الأشعرى به ومنعه إمام الحرمين والمعتزلة، ولا يتحقق مع الشيخ ما يصلح محلًا للنزاع فنقول: إن أراد أن تعلقه لنفسه فلا ينقطع فحق لكنه لا ينقطع بعد حدوثه كما لا ينقطع معه لأن حقيقة التكليف أنه تكليف بالفعل وطلب له، سواء اعتبر حال حدوث الفعل أو قبله أو بعده وقد قال بأنه ينقطع بعد الفعل، وإن أراد أن تنجيز التكليف باق بعد فهو باطل لأنه تكليف بغير الممكن لأنه تكليف بإيجاد الموجود وهو محال ولأنه تنتفى فائدة التكليف وهو الابتلاء لأنه إنما يتصوّر عند التردد فى الفعل والترك وأما عند تحقق الفعل فلا، قالوا: الفعل مقدور حينئذٍ، أى: حين الفعل باتفاق لأنه أثر القدرة فيوجد معها، وإذا كان مقدورًا حينئذٍ فيصح التكليف به لأنه لا مانع إلا عدم القدرة وقد انتفى.

الجواب: لا نسلم أن المقدور يصح التكليف به فإنه لا مانع غيره بل ما ذكرناه من لزوم التكليف بإيجاد الموجود وانتفاء الابتلاء مانع.

قوله: (التكليف بالفعل) فإن قبل الاتفاق على ثبوت التكليف قبل حدوث الفعل كيف يصح مع القول بأن القدرة مع الفعل لا قبله وأن تكليف ما لا يطاق غير واقع وإن كان جائزًا والاتفاق على الانقطاع كيف يصح مع القول بكون التكليف أزليًا، قلنا قد سبق أن معنى ما لا يطاق: هو الذى يمتنع تعلق القدرة الحادثة به فكون القدرة مع الفعل لا ينافى كون الفعل قبل الحدوث مما يصح تعلق القدرة به ومعنى التكليف به قبل الحدوث هو تنجيز التكليف بأن يكون الإتيان به مطلوبًا من المكلف حتى يعصى بالترك، ولا خفاء فى وجوده قبل الفعل وإلا لم يعص أحد قط وما نقل عن الأشعرى أن التكليف إنما يتوجه عند المباشرة مشكل، ولا فى انقطاعه بعده وإلا لكان تكليفًا بتحصيل ما يحصل قبل وهو محال، وأما التكليف الأزلى الذى لا ينقطع أصلًا فهو التكليف العقلى المبنى على أن الطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>