قوله:(ولنا أيضًا) هذا قريب من الأول جدًا لأن مبناهما على القطع بأن مدلول الصيغة طلب حقيقة الفعل من غير التقييد بشئ من صفاتها ولا خفاء فى أن هذا عين النزاع إذ الخصم يدعى أنها للحقيقة المقيدة بالمرة أو التكرار ولهذا اعترض المحقق على الوجهين بأنهما باعتبار ما صح من مقدماتهما لا يدلان على عدم كون الصيغة للمرة أو التكرار بل إن المصدر الذى هو من الأجزاء المادية لا يدل على ذلك بل على نفس الحقيقة وهذا غير مفيد ثم استشعر أنه كيف يدل على أحدهما ولا خفاء فى احتمالها لهما ولهذا تقيد بكل منهما من غير تكرار ولا تناقض فأجاب بأن المراد الدلالة بحسب الظهور لا النصوصية وهو لا ينافى الاحتمال فتقيد بما هى له لدفع الاحتمال وبخلاف ما هى له للدلالة على كونها مصروفة عن الظاهر.
المصنف:(لنا أن المدلول طلب حقيقة الفعل) هذا يخالف ما سيأتى له قريبًا فى مسألة الأمر بفعل مطلق حيث قال الآمر إذا أمر بفعل مطلق فالمطلوب الفعل الممكن المطابق للماهية، لنا أن الماهية يستحيل وجودها فى الأعيان لما يلزم من تعددها فيكون كليًا جزئيًا وهو محال. اهـ. وإن رده الشارح بأن المطلوب الماهية من حيث هى لا بقيد الكلية والجزئية ولا يلزم من عدم اعتبار أحدهما اعتبار الآخر وإن ذلك غير مستحيل بل موجود فى ضمن الجزئيات. اهـ. ويمكن الجواب عن المصنف لدفع التنافى بين كلاميه بأن يقال المراد بقوله هنا أن المطلوب الحقيقة لا المرة ولا التكرار أن الماهية المتحققة فى المرة أو التكرار هى المطلوبة لا المرة، أى الماهية بشرط عدم التكرار ولا التكرار أى الماهية بشرط التكرار وهو بعيد.