قوله:(من عدم تناول حكم الواحد للجميع) إشارة إلى أن "على" فى قوله: على الجماعة ليس تقابل اللام حتى يكون الحكم عليهم غير متناول للحكم لهم بل هى مثلها فى قولهم المحكوم عليه هو المكلف فتناول الحكم عليهم الإيجاب والندب والتحريم وغيرها.
قوله:(فهو خلاف الإجماع) فإن قيل هذا إنما يصح لو وقع الإجماع على عدم التناول بدون العلم بالتساوى وليس كذلك بل غايته عدم الإجماع على التناول لا الإجماع على عدم التناول وهو عين النزاع قلنا: كأنه يريد بخلاف الإجماع أنه ليس بإجماع، وفى قوله: فى المعنى المعلل به ذلك الحكم إشارة إلى أن المراد به الجامع ولا يرد ما قيل: إنه يجوز أن لا يعلم التساوى ذلك فى المعنى ويثبت الحكم بدليل آخر كنص عام مثلًا لأن الكلام فيما إذا كان حكم النبى عليه الصلاة والسلام على الواحد من غير تعميم.
قوله:(لأبى بردة فى الكفارة) الظاهر أنه غلط والصواب أن ذلك فى التضحية بالجذعة، على ما ذكر فى الكتب المعتبرة أنه قال أبو بردة: عندى جذعة خير من مسنة فقال عليه الصلاة والسلام: "اجعلها مكانها -أو قال: اذبحها- ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك". قال صاحب الفائق: قال النبى عليه الصلاة والسلام لأبى بردة بن نيار فى الجذعة التى أمره أن يضحى بها: "ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك": أى لا يؤدى عنها الواجب ولا تقضيه، من قوله تعالى:{يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}[البقرة: ٤٨]، قال الإمام محيى السنة: جزى عنى هذا الأمر ويجزيك من هذا الأمر الأقل: أى يقضى وينوب، وهو بلا همزة فإذا كان بمعنى الكفاية، قلت: جزأ عنى، وأجزأ بالهمزة، وأبو بردة شهد العقبة الثانية وبدرًا وأحدًا، وسائر المشاهد، وكانت معه راية بنى حارثة يوم الفتح توفى فى أول خلافة معاوية بعد شهوده مع على حروبه كلها، وأما حديث الكفارة فإنما هو فى قصة أعرابى واقع أهله فى نهار رمضان، ليس فيه أنه: لا يجزئ أحدًا بعدك.
قوله:(وتخصيصه) أى ولكان تخصيصه وهو عطف على قوله: وهذا إنما يستقيم فى شهادة خزيمة لا فى لبس الحرير لعبد الرحمن، فإن ذلك ترخيص لضرورة القمل ونحوه لا تخصيص.