للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى فداء، وقد أنكر قوم العلم بالتكليف، قبل دخول الوقت، وهو معاندة، وقال القاضى: وهو مخالف للإجماع؛ للإجماع على تحقق الوجوب والتحريم قبل التمكن من الفعل ويحققه وجوب الشروع فيه بنية الفرض إجماعًا، للمعتزلة وجهان:

قالوا: أولًا: لو صح التكليف بما علم عدم شرطه وما عدم شرطه غير ممكن لزم أن لا يكون الإمكان شرطًا فى التكليف، واللازم منتف لما مر فى مسألة تكليف المحال.

والجواب بوجهين:

أحدهما: أن الإمكان الذى هو شرط التكليف أن يكون مما يتأتى فعله عادة عند حضور وقته واستجماع شرائطه وهو غير الإمكان الذى هو شرط وقوعه وهو استجماع شرائطه بالفعل، فإن عنيت بقولك: لم يكن الإمكان شرطًا، الأول منعناه فإن عدم الشرط لا ينافيه، أو الثانى التزمناه لأنه عين محل النزاع.

ثانيهما: أنه يلزم مما ذكرتم أن لا يصح التكليف مع جهل الآمر بعدم الشرط كما فى الشاهد إذ عدم الإمكان بالنسبة إلى المأمور مشترك ولا أثر فيه لعلم الآمر وجهله.

قالوا: ثانيًا: لو صح مع علم الآمر بعدم الشرط لصح مع علم المأمور به واللازم باطل، أما الأولى فإذ لا مانع من الصحة يقدر غير كونه غير متصوّر حصوله وأنه لا يصح مانعًا كما فى صورة النزاع، وأما الثانية فبالاتفاق.

الجواب: لا نسلم أنه لا مانع إلا ما ذكرتم بل ههنا مانع آخر، وهو: انتفاء فائدة التكليف مع علم المأمور بانتفاء الشرط وهو الابتلاء بخلاف ما إذا جهل هو وعلم الآمر، فإنه يمكنه الفعل لو وجد الشرط فيصير مطيعًا عاصيًا بالعزم على الفعل والترك، وبالبشر به وبالكراهة له.

قوله: (والمنكر معاند) الظاهر ما ذهب إليه الشارحون من أن المراد أن منكر علم إبراهيم عليه السلام بوجوب الذبح معاند إلا أن المحقق حمله على ما يعم علم إبراهيم عليه السلام بوجوب الذبح وعلم سائر المكلفين بالتكاليف قبل دخول الأوقات، إلا أنه ينبغى أن يراد دخول وقت الامتثال على ما لا يخفى والذى يشعر

<<  <  ج: ص:  >  >>