قال:(مسألة: لا يشترط عدد التواتر عند الأكثر. لنا دليل السمع فلو لم يبق إلا واحد فقيل حجة لمضمون السمع وقيل لا لمعنى الاجتماع).
أقول: لا يشترط فى حجية الإجماع أن يبلغ عدد المجتهدين عدد أهل التواتر عند الأكثر، لنا أن دليل السمع يتناول إجماع الأقل من عدد التواتر لكونهم كل الأمة والمسلمين، وأما من استدل بالعقل وهو أنه لو لم يكن عن قاطع لما حصل فلا بد له من القول بعدد التواتر فإن انتفاء حكم العادة فى غيره ظاهر، وإذا قلنا: لا يشترط فلو لم يبق من المجتهدين إلا واحد فقيل: قوله حجة لمضمون السمعى وهو أنه لا يخرج الحق عن هذه الأمة وإن لم يخالف صريحه لعدم صدق سبيل المسلمين واجتماع الأمة عليه وقيل ليس بحجة لأن الإجماع يشعر بالاجتماع ولأن الاجتماع وسبيل المسلمين هو المنفى عنه الخطأ، وهو منتف ههنا.
قوله:(فإن انتفاء حكم العادة فى غيره) أى فى غير عدد التواتر (ظاهر) يعنى أن العادة لا تحكم بأن اتفاق ما دون عدد التواتر لا يكون إلا عن قاطع وليس المراد بعدد التواتر عددًا معينًا محصورًا بل ما يحصل العلم الضرورى عند إخبارهم بأمر مشاهد كما سيجئ وهذا ظاهر على تقرير الآمدى حيث قال: من استدل على حجية الإجماع بدليل العقل وهو أن الجمع الكثير لا يتصور تواطؤهم على الخطأ كإمام الحرمين وغيره فلا بد من استرداد ذلك عنده لتصور الخطأ على من دون عدد التواتر فأما على تقرير المصنِّف حيث جعل الدليل العقلى هو أن أهل الحل والعقد قد اتفقوا على القطع بتخطئة المخالف، والعادة تحيل اتفاقهم على ذلك من غير قاطع فيلزم قطعية خطأ المخالف وقطعية ما عليه الإجماع وأنهم قد اتفقوا على تقديمه على القاطع وعلى أن غير القاطع لا يقدّم على القاطع فلا اختصاص له بعدد التواتر على ما أشار إليه المصنِّفُ فيما سبق اللهم إلا أن يقال: لا نسلم الاتفاق على القطع بتخطئة المخالف وعلى التقديم على القاطع فيما دون عدد التواتر.
قوله:(لمضمون السمعى) يعنى لو لم يكن قول ذلك الواحد حقًا لخولف مضمون السمعى وهو عدم خلو الأمة عن قائل بالحق مطلع عليه وأن لم يخالف صريحه بناء على أن قول ذلك الواحد ليس بسبيل المؤمنين أو إجماع الأمة أو نحو ذلك وكما يمتنع مخالفة صريح الدليل يمتنع مخالفة مضمونه وإن كان قوله: