للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: يجوز إحداث دليل آخر أو تأويل آخر عند الأكثر. لنا لا مخالفة لهم فجاز، وأيضًا لو لم يجز لأنكر ولم يزل المتأخرون يستخرجون الأدلة والتأويلات. قالوا: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، قلنا: مؤول فيما اتفقوا وإلا لزم المنع فى كل متجدد. قالوا: يأمرون بالمعروف، قلنا معارض بقوله: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤]، فلو كان منكرًا لنهوا عنه).

أقول: إذا استدل أهل العصر بدليل أو أوّلوا تأويلًا فهل لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل آخر لم يقولوا به؟ الأكثرون على أنه جائز وهو المختار، ومنعه الأقلون، هذا إذا لم ينصوا على بطلانه، وأما إذا نصوا فلا يجوز اتفاقًا. لنا قول بالاجتهاد ولا مخالفة فيه لإجماع؛ لأن عدم القول ليس قولًا بالعدم فكان جائزًا، وأيضًا لو لم يكن جائزًا لأنكر لما وقع، واللازم باطل، وذلك أن المتأخرين فى كل عصر لم يزالوا يستخرجون الأدلة والتأويلات المغايرة لما تقدَّم شائعًا ذائعًا ولم ينكر عليهم وإلا لنقل بل يتمدحون به ويعدّون ذلك فضلًا.

قالوا: أولًا: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، لأن سبيل المؤمنين ما تقدَّم وهذا غيره فلا يجوز بالآية.

الجواب: أنه وإن كان ظاهرًا فيما ذكرتموه لكنه مؤول بأن المراد واتبعوا غير ما اتفقوا عليه لا ما لم يتعرضوا له وإلا لزم المنع عن الحكم فى كل واقعة تتجدد وأنه باطل بالضرورة والاتفاق، وقد يفرق بأن ما نحن فيه سبيل لهم، ولا سبيل لهم هناك.

قالوا: ثانيًا: قال اللَّه تعالى: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: ١٠٤]، والمعروف عام لأنه مفرد محلى باللام، فيأمرون بكل معروف فلا يكون معروفًا وإلا لأمروا به فلا يجوز المصير إليه.

والجواب: المعارضة بقوله وينهون عن المنكر فلو كان منكرًا لنهوا عنه بعين ما ذكرتم واللازم منتف.

قوله: (مؤول فيما اتفقوا) يعنى أن المراد التهديد على اتباع سبيل غير ما اتفقوا عليه وليس هذا إحداث تأويل ليكون من صور محل النزاع بل هو ابتداء تأويل من السلف لئلا يلزم مخالفة الضرورة والمتفق عليه إلا أنه يردّ اعتراضه بأن ههنا

<<  <  ج: ص:  >  >>