للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: اتفاق العصر الثانى على أحد قولى العصر الأول بعد أن استقر خلافهم، قال الأشعرى وأحمد والإمام والغزالى رحمهم اللَّه ممتنع، وقال بعض المجوزين حجة والحق أنه بعيد إلا فى القليل كالاختلاف فى أم الولد ثم زال، وفى الصحيح: أن عثمان رضى اللَّه عنه كان ينهى عن المتعة، قال البغوى ثم صار إجماعًا، الأشعرى العادة تقضى بامتناعه وأجيب بمنع العادة وبالوقوع. قالوا لو وقع لكان حجة فيتعارض الإجماعان لأن استقرار اختلافهم دليل إجماعهم على تسويغ كل منهما، وأجيب بمنع الإجماع الأول، ولو سلم فمشروط بانتفاء القاطع كما لو لم يستقر خلافهم المجوّز وليس بحجة لو كان حجة لتعارض الإجماعان، وقد تقدَّم. قالوا: لم يحصل الاتفاق وأجيب بأنه يلزم إذا لم يستقر خلافهم. قالوا: لو كان حجة لكان موت الصحابى المخالف يوجب ذلك لأن الباقى كل الأمة الأحياء. وأجيب بالالتزام والأكثر على خلافه الآخر لو لم يكن حجة لأدى إلى أن تجتمع الأمة الأحياء على الخطأ والسمعى يأباه، وأجيب بالمنع والماضى ظاهر الدخول لتحقق قوله بخلاف من لم يأت).

أقول: إذا اختلف أهل العصر الأول على قولين واتفق أهل العصر الثانى على أحدهما بعد ما استقر خلافهم، وقال كل بمذهب فقد اختلف فيه، فقال الأشعرى وأحمد والإمام الغزالى أنه يمتنع حصوله وجوزه بعضهم ثم اختلف فيه فقال بعضهم حجة وبعضهم ليس بحجة والحق أنه بعيد إلا فى القليل من المسائل يعنى أنه وإن بعد فلا يمتنع مثله وقد يقع قليلًا أنها بعده فلأنه لا يكون إلا عن جلى ويبعد غفلة المخالف عنه، وأما أنه قد وقع فكاختلاف الصحابة فى بيع أمهات الأولاد ثم أجمع من بعدهم على المنع منه، وفى الصحيح أن عمر كان يمنع عن المتعة، أى: متعة الحج إلى العمرة، قال البغوى: ثم صار إجماعًا، أى: صار جوازه مجمعًا عليه. قال الأشعرى: العادة تقضى بامتناع الاتفاق على ما استقر فيه الخلاف إذ لا يزال إحدى الطائفتين تصر على مذهبها.

الجواب: منع قضاء العادة فيه ولو امتنع لم يقع، وقد وقع المانعون لوقوعه، قالوا: لو وقع كان حجة لتناول الأدلة له فيتعارض الإجماعان، إجماع هؤلاء على عدم تسويغ الآخر، وإجماع الأولين على تسويغ كل منهما، وأنه محال عادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>