للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: اختلفوا فى جواز عدم علم الأمة بخبر أو دليل راجح إذا عمل على وفقه المجوز ليس إجماعًا كما لو لم يحكموا فى واقعة النافى اتبعوا غير سبيل المؤمنين).

أقول: هل يجوز أن لا يعلم جميع أهل العصر خبرًا أو دليلًا راجحًا على حكم ما، أما إذا لم يعملوا على وفقه لمعارض فلا لأنه اجتماع على الخطأ، وأما إذا عملوا على وفقه مصيبين فى الحكم فقد اختلف فى جوازه فقال المجوز ليس بإجماع على عدمه فيكون خطأ فإن عدم القول غير القول بالعدم وذلك كما لم يحكموا فى واقعة فإنه لا يكون قولًا بعدم الحكم فيها، وقال النافى للجواز الدليل الراجح هو سبيل المؤمنين وقد عملوا بغيره فقد اتبعوا غير سبيل المؤمنين.

الجواب: تأويله بما اتفقوا فيه كما تقدَّم وقل يقال ليس هو سبيل المؤمنين بل من شأنه أن يكون سبيلهم.

قوله: (على حكم ما) متعلق بقوله خبرًا أو دليلًا وقوله راجحًا صفة لكل منهما ومعنى الرجحان عدم المعارض له على ما صرح به فى المنتهى يعنى معارضًا يساويه ويكافئه وهذا لا ينافى قوله إذا لم يعملوا على وفقه لمعارض لأن معناه ما يدل على نفى ذلك الحكم وإن كان مرجوحًا وكأنه أراد بدليل القياس والاجتهاد أو ما يفيد العلم القطعى فلا يتناول الخبر وقوله فيكون خطأ منصوب على أنه جواب النفى أى إذا عملوا على وفق الخبر أو الدليل لكن بدليل آخر من غير اطلاع على ذلك الخبر أو الدليل فهذا ليس إجماعًا على عدمه ليكون خطأ.

قوله: (وقد عملوا بغيره) أى غير ذلك الدليل الراجح الذى هو سبيل المؤمنين وإن كان عملهم على وفقه فإن مجرد موافقة الحكم للدليل ليس اتباعًا له بل إذا أخذوه منه، والجواب: أن السبيل الذى يحرم اتباع غيره هو ما اتفقوا فيه وهذا الدليل الراجح ليس كذلك وقد يقال أيضًا إن هذا الراجح إنما يكون سبيلًا للمؤمنين إذا سلكوه وعملوا به وأما قبل ذلك فهو بصدد أن يصير سبيلًا لهم وبهذا التقرير سقط ما ذكره العلامة فى تقرير الدليل الثانى من أنه لو جاز عدم علمهم بالراجح لحرم عليهم تحصيل العلم به لأن عدم العلم حينئذٍ يكون سبيل المؤمنين والعلم غيره فيحرم طلبه وتحصيله فاعترض بأن عدم العلم ليس سبيلًا بل السبيل ما اختاره الإنسان من قول أو عمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>