للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففرع وروده على إرادة صحتهما لغة، فتأمل وربما عدل بعضهم عن قولهم يحتمل الصدق والكذب، فقال يحتمل التصديق أو التكذيب هربًا من ذلك ولا ينفعه إذ يرد عليه أنهما الحكم بالصدق والكذب، فما فعل إلا أن وسع الدائرة، قيل بل الحكم الأخبار فزاد أن عرفه بنفسه، ويرد سؤال آخر وهو أن الحد للإيضاح وهو ينافى أو فإنها للترديد وأنه يوجب الإبهام.

والجواب: أن المراد بأو ليس هو أن أحدهما واقع ولا نعلمه فيأتى الإبهام بل قبوله لأحدهما فأيهما وقع فهو الخبر ولا إبهام فيه، وأقرب الحدود قول أبى الحسين كلام يفيد بنفسه نسبة قال وإنما قال بنفسه ليخرج نحو قائم فإنه كلام عنده فإنه عرّف الكلام بأنه المنتظم من الحروف المتميزة المتواضع عليها وهو يشتمل الكلمة وغيرها، وهى أى قائم وضارب وعالم مما يتناوله نحوه تفيد نسبة ولكن لا بنفسها بل مع موضوعها ويرد عليه باب "قم" ونحوه من أقسام الطلب فإنه كلام بالاصطلاحات كلها ويفيد بنفسه من غير ضميمة لأنها جملة تامة نسبة ما بأحد اعتبارين إما لأن القيام منسوب إلى زيد لأن المطلوب هو القيام المنسوب إلى زيد لا مطلق القيام ضرورة، وإما لأن الطلب منسوب إلى القائل لأنه يدل على طلب منسوب إليه دون مطلق الطلب ولأبى الحسين أن يقول أردت بإفادة النسبة أن يعلم منه وقوع النسبة وبنفسه أن يكون هو مدلوله الذى وضع له لا أن يلزم عقلًا، وقد صرح بالثانى فى المعتمد فخرج نحو "قم" إما باعتبار نسبة القيام إلى زيد، فإذا لم يعلم منه وقوعها وإما باعتبار نسبة الطلب إلى القائل فلأنه عقلى ومؤداه الطلب ثم ذكر أن الأولى فى تحديده أن يقال هو الكلام المحكوم فيه بنسبة خارجية ويعنى بالخارج ما هو خارج عن كلام النفس المدلول عليه بذلك اللفظ فلا يرد قم لأن مدلوله الطلب نفسه، وهو المعنى القائم بالنفس من غير أن يشعر بأن له متعلقًا واقعًا فى الخارج وهذا بخلاف طلب القيام لأنه يدل على الحكم بنسبة الطلب إلى المتكلم وله مطابق خارجى هو قيام الطلب بالمتكلم وغير الخبر ما لا يشعر بأن لمدلوله متعلقًا خارجيًا ويسميه المصنِّفُ تنبيهًا وإنشاء ويندرج فيه الأمر والنهى والاستفهام والتمنى والترجى والقسم والنداء، والمنطقيون يقسمونه إلى ما يدل على الطلب لذاته إما للفهم وهو الاستفهام، وإما لغيره وهو الأمر والنهى وإلى غيره، ويخصون التنبيه والإنشاء بالأخير منهما، ويعدون منه التمنى والترجى

<<  <  ج: ص:  >  >>