للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخبر بمعنى المخبر به وقدر موصوفًا محذوفًا، هو الخبر ليكون ورود الدور ظاهرًا ومبناه على أن الصدق بمعنى الصادق وإلا لكان المناسب أن يفسر بالموافقة للمخبر به لكن المذكور فى تعريف الخبر هو الصدق بالمعنى المصدرى وليس تتوقف معرفته على معرفة الصادق بل بالعكس وأما ما قيل: إن الصدق هو الخبر عن الشئ على ما هو به فتفسير لمعناه المصدرى لكن لا يلزم الدور ولأن الخبر ههنا بمعنى الإخبار إما من المبنى للفاعل ليكون تفسير الصدق التكلم أو المبنى للمفعول فيكون تفسير الصدق الكلام، وما يقال: إن معرفة المخبر به والأخبار تتوقف على معرفة الخبر الذى هو الكلام وحينئذٍ يلزم الدور فممنوع إذ لا معنى للإخبار سوى الإعلام بالنسبة التى لها خارج هذا ولكن الجمهور على أن لزوم الدور ظاهر لا جواب عنه إلا ما تكلف بعضهم من أن المراد دخول لفظ الصدق والكذب أو دخول الصدق والكذب اللغويين، والمذكور تفسير للاصطلاحين، وفساد ذلك واضح، وبعضهم من أن ماهية الخبر واضحة عند العقل والمذكور فى معرض التعريف تمييز لها وتعيين من حيث إنها مدلول للفظ الخبر وهذا أيضًا فاسد؛ لأن الكلام مع من يجعل ماهيته كسبية والمذكور تعريفًا حديًا أو رسميًا، وأما الشارح المحقق فقد أشار إلى الجواب بأن للقاضى أن يمنع توقف معرفة الصدق والكذب على معرفة الخبر بل هما ضروريان أو كسبيان مفترقان بحيث لا يتوقف على معرفة الخبر بأن يقال الصدق هو الكلام الذى يكون نفسيه أى نسبته التى فى النفس مطابق لمتعلق ذلك النفسى أى للنسبة التى فى الواقع بأن يكونا ثبوتيين أو سلبيين والكذب بخلاف بأن تكون إحداهما ثبوتية والأخرى سلبية فقد جعل المتعلق ههنا عبارة عن النسبة فى نفس الأمر وفيما سبق عن الطرفين فإن قيل فقد يفسر الصدق بالخبر المطابق والكذب بالخبر الغير المطابق، قلنا: مجرد ذكر الخبر فى تعريفهما لا يوجب توقف معرفتهما على معرفته كما يقال الضاحك إنسان له الحالة المخصوصة والأسود جسم له الكيفية المخصوصة، بناء على الاختصاص فى نفس الأمر، وإن كان المفهوم أعم مستغنيًا معرفته عن معرفة المعروض، ثم أشار إلى دفع المنع بأن مقصود المعترض إلزام القاضى والمعتزلة حيث عرفوا الخبر عما يدخله الصدق والكذب لغة بمعنى أنه يصح ذلك فيه ولا خفاء فى أن صحة اتصاف بالصدق والكذب بحسب اللغة إنما يكون بالمعنى الذى يعرف أهل اللغة وتعرفهما به فيلزم أن يكون مرادهم

<<  <  ج: ص:  >  >>