للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وينقسم إلى ما يعلم صدقه وإلى ما يعلم كذبه وإلى ما لا يعلم واحد منهما، فالأول ضرورى بنفسه كالمتواتر، وبغيره كالموافق للضرورى، ونظرى كخبر اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، والإجماع والموافق للنظر، والثانى المخالف لما علم صدقه، والثالث قد يظن صدقه كخبر العدل وقد يظن كذبه كخبر الكذاب، وقد يشك كالمجهول، ومن قال كل خبر لم يعلم صدقه فكذب قطعًا لأنه لو كان صادقًا لنصب عليه دليل، كخبر مدعى الرسالة فاسد بمثله فى النقيض ولزوم كذب كل شاهد وكفر كل مسلم وإنما كذب المدعى للعادة).

أقول: الخبر باعتبار آخر ينقسم إلى ما يعلم صدقه وإلى ما يعلم كذبه وإلى ما لا يعلم صدقه ولا كذبه، فهذه ثلاثة أقسام: القسم الأول: وهو ما يعلم صدقه فصدقه إما ضرورى أو نظرى والضرورى إما ضرورى بنفسه، أى بنفس الخبر فإنه هو الذى يفيد العلم الضرورى بمضمونه وهو المتواتر وإما ضرورى بغيره أى استفيد العلم الضرورى بمضمونه من غير الخبر وهو الموافق للعلم الضرورى نحو الواحد نصف الاثنين والنظرى مثل خبر اللَّه تعالى وخبر رسوله وخبر أهل الإجماع والخبر الموافق للنظر الصحيح فى القطعيات، فإن ذلك كله قد علم وقوع مضمونه بالنظر. القسم الثانى: وهو ما علم كذبه وهو كل خبر مخالف لما علم صدقه من الأقسام المذكورة، الثالث: وهو ما لم يعلم صدقه ولا كذبه فقد بظن صدقه كخبر العدل وقد يظن كذبه كخبر الكذوب، وقد لا يظن صدقه ولا كذبه كخبر مجهول الحال، وقد خالف فى هذا التقسيم بعض الظاهرية فقال كل خبر لا يسلم صدقه فهو كذب قطعًا لأنه لو كان صدقًا لنصب عليه دليل كخبر مدعى الرسالة فإنه إذا كان صدقًا دل عليه بالمعجزة، وهذا فاسد لجريان مثله فى نقيض ما أخبر به إذا أخبر به آخر فيلزم اجتماع النقيضين ونعلم بالضرورة وقوع الخبر بهما، وأيضًا فإنه يلزم العلم بكذب كل شاهد إذ لا يعلم صدقه بدليل والعلم بكذب كل مسلم فى دعوى إسلامه، إذ لا دليل على ما فى باطنه، وذلك باطل بالإجماع والضرورة، وأما القياس على خبر مدعى الرسالة فلا يصح لأنه لا يكذب لعدم العلم بصدقه بل للعلم بكذبه لأنه بخلاف العادة فإن العادة فيما خالفها أن يصدق بالمعجزة.

قوله: (من الأقسام المذكورة) إشارة إلى ما صدقه ضرورى بنفسه أو بغيره أو

<<  <  ج: ص:  >  >>