للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وينقسم إلى متواتر وآحاد، فالمتواتر خبر جماعة مفيد بنفسه العلم بصدقه، وقيل بنفسه ليخرج من علم صدقهم فيه بالقرائن الزائدة على ما لا ينفك عنه عادة وغيرها وخالفت السمنية فى إفادة المتواتر، وهو بهت فإنا نجد العلم ضرورة بالبلاد النائية والأمم الخالية والأنبياء والخلفاء بمجرد الإخبار وما يوردونه من أنه كأكل طعام واحد وأن الجملة مركبة من الواحد ويؤدى إلى تناقض المعلومين وتصديق اليهود والنصارى فى لا نبى بعدى وبأنا نفرق بين الضرورى وبينه ضرورة وبأن الضرورى يستلزم الوفاق مردود).

أقول: الخبر ينقسم باعتبار آخر إلى متواتر وآحاد، والتواتر فى اللغة: تتابع أمور واحدًا بعد واحدٍ بفترة من الوتر، ومنه: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: ٤٤]، وفى الاصطلاح: خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه وقيل بنفسه ليخرج خبر جماعة علم صدقهم لا بنفس الخبر بل إما بالقرائن الزائدة على ما لا ينفك الخبر عنه عادة، فإن من القرائن ما يلزم الخبر من أحوال فى الخبر والمخبر والمخبر عنه، ولذلك يتفاوت عدد التواتر، ومنها ما يزيد على ذلك من الأمور المنفصلة، وإما بغير القرائن كالعلم بمخبره ضرورة أو نظرًا، ثم اتفق العقلاء على أن خبر التواتر بشرائطه يفيد العلم بصدقه وخالفت السُّمَنِيَّةُ فى ذلك وكذا البراهمة وأنه بهت أى مكابرة فإنا نجد من أنفسنا العلم الضرورى بالبلاد النائية، كمكة ومصر والأمم الخالية كالصحابة والأنبياء والخلفاء كما نجد العلم بالمحسوسات لا فرق بينهما فيما يعود إلى الجزم وما ذلك إلا بالإخبار قطعًا، وقد أورد عليه شكوك منها أنه كاجتماع الخلق الكثير على أكل طعام واحد، وأنه ممتنع عادة، ومنها أنه يجوز الكذب على كل واحد فيجوز على الجملة إذ لا ينافى كذب واحد كذب الآخرين قطعًا ولأنها مركبة منها بل هى نفس الآحاد فإذا فرض كذب كل واحد فقد كذب الجميع قطعًا، ومع جوازه لا يحصل العلم، ومنها أن العلم بموجبه يؤدى إلى تناقض المعلومين إذا أخبر جمع كثير بالشئ وجمع كثير بنقيضه وذلك محال، ومنها أنه يلزم تصديق اليهود والنصارى فيما نقلوه عن موسى أو عيسى أنه قال لا نبى بعدى، وهو ينافى نبوة محمد عليه الصلاة والسلام؛ فيكون باطلًا، ومنها أنه لو حصل به علم ضرورى لما فرقنا بين ما مثل به وبين العلم بالضروريات واللازم باطل، لأنا إذا عرضنا على أنفسنا وجود إسكندر وقولنا الواحد نصف الاثنين

<<  <  ج: ص:  >  >>