للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (والجمهور على أنه ضرورى والكعبى والبصرى نظرى وقيل بالوقف لنا لو كان نظريًا لافتقر إلى توسط المقدمتين ولساغ الخلاف فيه عقلًا، وأبو الحسين لو كان ضروريًا لما افتقر ولا يحصل إلا بعد علم أنه من المحسوسات وأنهم عدد لا حامل لهم وأن ما كان كذلك ليس بكذب فيلزم النقيض وأجيب بالمنع بل إذا حصل علم أنهم لا حامل لهم لأنه مفتقر إلى سبق علم ذلك فالعلم بالصدق ضرورى وصورة الترتيب ممكنة فى كل ضرورى، قالوا لو كان ضروريًا لعلم أنه ضرورى ضرورة قلنا معارض بمثله ولا يلزم من الشعور بالعلم ضرورة الشعور بصفته).

أقول: إذ قد عرفت أن التواتر يفيد العلم فقد اختلف فى العلم الحاصل به أضرورى هو أم نظرى؟ فالجمهور على أنه ضرورى، وقال الكعبى وأبو الحسين البصرى: إنه نظرى، وميل الغزالى رحمه اللَّه إلى أنه قسم ثالث، وتوقف المرتضى والآمدى، لنا أنه لو كان نظريًا لافتقر إلى توسط المقدمتين واللازم منتف لأنا نعلم قطعًا علمنا بما ذكرنا من المتواترات مع انتفاء ذلك وأيضًا لو كان نظريًا لساغ الخلاف فيه ولو ادعى ذلك مدع لم يعدّ بهتًا ومكابرة كغيره من النظريات واللازم منتف ضرورة. احتج أبو الحسين بأنه لو كان ضروريًا لا احتاج إلى توسط المقدمتين واللازم باطل لأن العلم لا يحصل إلا بعد العلم بأن المخبر عنه محسوس فلا يشتبه وأن المخبرين جماعة لا داعى لهم إلى الكذب، وكل ما كان كذلك فليس بكذب فيلزم النقيض وهو كونه صدقًا.

والجواب: منع احتياجه إلى سبق العلم بذلك وحاصله أن العلم بالصدق ضرورى يحصل بالعادة لا بالمقدمتين فاستغنى عن الترتيب ولا ينافيه صورة الترتيب فإن وجوده لا يوجب الاحتياج إليه فإنها ممكنة فى كل ضرورى لأنك إذا قلت الأربعة زوج فلك أن تقول لأنه منقسم بمتساويين وكل منقسم بمتساويين زوج، وإذا قلت: الكل أعظم من الجزء، فلك أن تقول لأن الكل فيه جزء آخر غير هذا، وكل ما هو كذلك فهو أعظم، فهذه حجة أبى الحسين.

والمنكرون عن آخرهم قالوا: لو كان ضروريًا لعلم بالضرورة أنه ضرورى كغيره من الضروريات لأن حصول العلم ولا يشعر به وبأنه كيف حصل محال.

والجواب: المعارضة والحل أما المعارضة فبمثله وهو أنه لو كان نظريًا لعلم كونه نظريًا بالضرورة كغيره من النظريات، وأما الحل فإن كون العلم ضروريًا ونظريًا

<<  <  ج: ص:  >  >>