للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وشرط التواتر تعدد المخبرين تعددًا يمنع الاتفاق والتواطؤ مستندين إلى الحس مستوين فى الطرفين والوسط وعالمين غير محتاج إليه لأنه إن أريد الجميع فباطل وإن أريد البعض فلازم مما قيل وضابط العلم بحصولها حصول العلم لا أن ضابط حصول العلم سبق العلم بها).

أقول: قد ذكر فى التواتر شروط صحيحه وشروط فاسدة، أما الشروط الصحيحة فثلاثة كلها فى المخبرين، أحدها: تعددهم تعددًا يبلغ فى الكثرة إلى أن يمتنع الاتفاق بينهم والتواطؤ على الكذب عادة، ثانيها: كونهم مستندين لذلك الخبر إلى الحس فإنه فى مثل حدوث العالم لا يفيد قطعًا، ثالثها: استواء الطرفين والواسطة أعنى بلوغ جميع طبقات المخبرين فى الأول والآخر والوسط بالغًا ما بلغ عدد التواتر وقد شرط فيه قوم شرطًا رابعًا، وهو كونهم عالمين بالمخبر عنه، وهو غير محتاج إليه لأنه إن أريد وجوب علم الكل به فباطل لأنه لا يمتنع أن يكون بعض المخبرين مقلدًا فيه أو ظانًا أو مجازفًا وإن أريد وجوب علم البعض به فهو لازم مما ذكرنا من القيود الثلاثة عادة؛ لأنها لا تجتمع إلا والبعض عالم قطعًا وأما كيف يعلم حصول هذه الشرائط فمن زعم أنه نظرى يشترط تقدم العلم بذلك كله، وأما نحن فالضابط عندنا حصول العلم بصدقه وإذا علم ذلك عادة علم وجود الشرائط لا أن الضابط فى حصول العلم سبق العلم بها كما يقوله من يرى أنه نظرى.

قوله: (من القيود الثلاثة) إشارة إلى أن قوله مما قَيَّد ليس إشارة إلى الشرط الثانى، أعنى الاستناد إلى الحس على ما زعم الشارحون حتى يرد اعتراضهم بأن الاستناد إلى الحس قد لا يفيد إلا الظن وقوله عادة إشارة إلى أن هذا اللزوم عادى لا يمتنع انفكاكه عقلًا، وأما ما يقال من أن اشتراط اللزوم لا يوجب اشتراط اللازم فليس بشئ لأنه لا معنى لاشتراطه سوى أنه يجب أن يكون حاصلًا ليحصل العلم وإذا حكمنا بأنه يجب حصول ملزومه الذى لا يوجد بدونه لم نحتج إلى ذلك ولم يضرنا جواز ذكره تصريحًا بما علم بالالتزام.

المصنف: (الاتفاق والتواطؤ) ليس المراد بالتواطؤ توافقهم على أن يخبر كل

<<  <  ج: ص:  >  >>