للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وقطع القاضى بنقض الأربعة وتردد فى الخمسة وقيل: اثنا عشر وقيل: عشرون وقيل: أربعون، وقيل: سبعون، والصحيح مختلف وضابطه ما حصل العلم عنده لأنا نقطع بالعلم من غير علم بعدد مخصوص لا متقدمًا ولا متأخرًا ويختلف باختلاف قرائن التعريف وأحوال المخبرين والاطلاع عليها وإدراك المستمعين والوقائع).

أقول: قد اختلف فى أقل عدد التواتر فقيل خمسة والقاضى يجزم بأنه لا يحصل بخبر الأربعة وإلا لحصل بقول شهود الزنا فلم يحتج إلى التزكية وتردد فى الخمسة ويرد عليه أن وجوب التزكية مشترك إلا أن يقول قد يفيد العلم فلا تجب التزكية وقد لا يفيد فيعلم كذب واحد فالتزكية لتعلم عدالة الأربعة وقد يفرق بين الخبر والشهادة كيف والاجتماع فى الشهادة مظنة التواطؤ، وقيل اثنا عشر عدد نقباء موسى عليه الصلاة والسلام لأنهم جعلوا كذلك ليحصل العلم بخبرهم، وقيل عشرون، قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: ٦٥]، وذلك ليفيد خبرهم العلم بإيمانهم، وقيل أربعون عدد الجمعة، وقيل سبعون لاختيار موسى لهم للعلم بخبرهم، إذا رجعوا فأخبررا قومهم وقيل غير منحصر فى عدد مخصوص بل يختلف وضابطه ما حصل العلم عنده وهو المختار لأنا نقطع بحصول العلم بما ذكرنا من المتواترات من غير علم بعدد مخصوص لا متقدمًا ولا متأخرًا أى لا قبل حصول العلم كما يقتضيه رأى من يقول إنه نظرى ولا بعده على رأينا ولا سبيل إلى العلم به عادة لأنه يتقوى الاعتقاد بتدريج كما يحصل كمال العقل بتدريج خفي والقوة البشرية قاصرة عن ضبط ذلك ونقطع أيضًا أنه يختلف بالقرائن التى تتفق فى التعريف غير زائدة على المحتاج إليها فى ذلك عادة من الجزم وتفرس آثار الصدق وباختلاف اطلاع المخبرين على مثلها عادة كدخاليل الملك بأحواله الباطنة وباختلاف إدراك المستمعين وفطنتهم وباختلاف الوقائع وتفاوت كل واحد منها يوجب العلم بخبر عدد أكثر أو أقل لا يمكن ضبطه فكيف إذا تركبت الأسباب.

قوله: (ويرد عليه) أى على القاضى أنه كما تجب التزكية فى الأربعة من شهود الزنا تجب فى الخمسة فلا وجه للجزم بعدم الحصول فى الأربعة والتردد فى

<<  <  ج: ص:  >  >>