قال:(مسألة: إذا اختلف التواتر فى الوقائع فالمعلوم ما اتفقوا عليه بتضمن أو التزام كوقائع حاتم وعلى رضى اللَّه عنه).
أقول: إذا كثرت الأخبار فى الوقائع واختلف فيها لكن كل واحد منه يشمل على معنى مشترك بينها بجهة التضمن أو الالتزام حصل العلم بالقدر المشترك ويسمى المتواتر من جهة المعنى وذلك كوقائع حاتم فيما يحكى من عطاياه من فرس وإبل وعين وثوب فإنها تتضمن جوده فيعلم وإن لم يعلم شئ من تلك القضايا بعينه وكوقائع على فى حروبه من أنه هزم فى خيبر كذا وفعل فى أحد كذا إلى غير ذلك فإنه يدل بالالتزام على شجاعته وقد تواتر ذلك منه وإن كان شئ من تلك الجزئيات لم يبلغ درجة القطع، واعلم أن الواقعة الواحدة لا تتضمن السخاوة ولا الشجاعة بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيات ذلك وهو متواتر لا لأن أحدها صدق قطعًا بل بالعادة.
قوله:(فإنها تتضمن جوده) يشير إلى أن الأول مثال للتضمن والثانى مثال للالتزام، أما الالتزام فظاهر وأما التضمن فلأن الجود لما كان إفادة ما ينبغى لا لعوض كان جزءًا من كل إعطاء مخصوص وهذا بالنظر إلى الظاهر وإلا فالجود صفة فى النفس هى مبدأ تلك الإفادة ولا يخفى أنه لا معنى لاختلاف التواتر فى الوقائع فلهذا حمله على اختلاف الإخبار فيها وبعضهم على اختلاف الوقائع المخبر بها.
قوله:(واعلم) تحقيق للمقام وتنبيه على أنه لا شئ من الوقائع بانفراده يدل على السخاوة أو الشجاعة بمعنى حصول العلم بها ههنا بل القدر المشترك بين الجزئيات هو السخاوة أو الشجاعة وهو متواتر لا بمعنى أن شيئًا من الوقائع الجزئية معلوم الصدق قطعًا، كيف وهو آحاد بل بمعنى أن العلم القطعى بالقدر المشترك يحصل من سماعها بطريق العادة.
قوله:(وإلا فالجود صفة فى النفس هى مبدأ تلك الإفادة) يعنى فلا يظهر كون المعلوم مدلولًا عليه تضمنا والظاهر أنه ليس المراد بالتضمن مقابل الالتزام بل مقابل المطابقة وإن المراد منه الالتزام والاختلاف اختلاف فى التعبير كما يدل عليه قول الشارح بعد حيث اقتصر على ذكر التضمن فى السخاوة والشجاعة.