للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (يجب العلم بخبر الواحد العدل خلافًا للقاسانى وابن داود والروافضة والجمهور بالسمع، وقال أحمد والقفال وابن سريج والبصرى بالعقل، لنا تكرر العمل به كثيرًا من الصحابة والتابعين شائعًا ذائعًا من غير نكير، وذلك يقضى بالاتفاق عادة كالقول قطعًا قولهم لعل العمل بغيرها قلنا علم قطعًا من سياقها أن العمل بها قولهم فقد أنكر أبو بكر رضى اللَّه عنه خبر المغيرة فى ميراث الجدة حتى رواه محمد بن سلمة وأنكر عمر رضى اللَّه عنه خبر أبى موسى فى الاستئذان حتى رواه أبو سعيد الخدرى وأنكر خبر فاطمة بنت قيس، وأنكرت عائشة رضى اللَّه عنها خبر ابن عمر، وأجيب بإنما أنكروا عند الارتياب قالوا لعلها أخبار مخصوصة قلنا نقطع بأنهم عملوا لظهورها لا لخصوصها وأيضًا التواتر أنه عليه الصلاة والسلام كان ينفذ الآحاد إلى النواحى لتبليغ الأحكام).

أقول: قد ثبت جواز التعبد بخبر الواحد وهو واقع بمعنى أنه يجب العمل بخبر الواحد وقد أنكره القاسانى والرافضة وابن داود.

والقائلون بالوقوع قد اختلفوا فى طريق إثباته والجمهور على أنه يجب بدليل السمع، وقال أحمد والقفال وابن سريج وأبو الحسين البصرى بدليل العقل لنا إجماع الصحابة والتابعين بدليل ما نقل عنهم من الاستدلال بخبر الواحد وعملهم بها فى الوقائع المختلفة التى لا تكاد تحصى وقد تكرر ذلك مرة بعد أخرى وشاع وذاع بينهم ولم ينكر عليهم أحد وإلا نقل وذلك يوجب العلم العادى باتفاقهم كالقول الصريح وإن كان احتمال غيره قائمًا فى كل واحد واحد، فمن ذلك أنه عمل أبو بكر بخبر المغيرة فى ميراث الجدة وعمل عمر رضى اللَّه عنه بخبر عبد الرحمن فى جزية المجوس وبخبر حمل بن مالك فى وجوب الغرة بالجنين وبخبر الضحاك فى إيراث الزوجة من دية الزوج وبخبر عمرو بن حزم فى دية الأصابع وعمل عثمان وعلى بخبر فريعة فى أن عدة الوفاة فى منزل الزوج وعمل ابن عباس بخبر أبى سعيد بالربا فى النقد وعمل الصحابة بخبر أبى بكر: "الأئمة من قريش"، و"الأنبياء يدفنون حيث يموتون"، و"نحن معاشر الأنبياء لا نورث. . " إلى غير ذلك مما لا يجدى استيعاب النظر فيه إلا التطويل وموضعه كتب السير.

وقد اعترض عليه بوجوه:

الأول: قولهم: لا نسلم أن العمل فى هذه الوقائع كان بهذه الأخبار إذ لعله

<<  <  ج: ص:  >  >>