للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وبهذا يندفع ما يقال: إن ما ذكر من الإخبار فى الاحتجاج بخبر الواحد أخبار آحاد وذلك يتوقف على كونه حجة فيدور، فإن قيل غاية ما ذكر جواز الاستدلال والعمل به وإنما النزاع فى الوجوب قلنا: إيجابهم الأحكام بأخبار الآحاد يدل على وجوب العمل بها على أن القول بالجواز دون الوجوب سمعًا مما لا قائل به وإنما الخلاف فى الوجوب عقلًا كما سبق.

قوله: (عمل أبو بكر) هو كان يرى حرمان الجدة حتى روى المغيرة بن شعبة ومحمد بن سلمة أن النبى عليه الصلاة والسلام أعطاها السدس وعمل عمر رضى اللَّه عنه فى جزية المجوس بما روى عبد الرحمن بن عوف رضى اللَّه عنه قوله عليه الصلاة والسلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، وعمل فى غرة الجنين بما روى حملُ بن مالك بالحاء المهملة أنه كان عنده امرأتان إحداهما تسمى مليكة والأخرى أم عفيف رمت إحداهما الأخرى بحجر أو مسطح أو عمود فسطاط فأصاب بطنها فألقت جنينها "فقضى فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغرة عبد أو أمة". والمسطح بكسر الميم نوع من الملاعق وقيل عود يرقق به الخبز، وعمل بخبر الضحاك وهو الأحنف بن قيس التميمى أسلم على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يره دعا له رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام حين قدم عليه وقد بنى تميم فذكروه له روى أنه عليه الصلاة والسلام كتب إليه "أن يورث امرأة أشيم الضبابى من دية زوجها". وعمل بخبر عمرو بن حزم: أن فى كل أصبع عشرة من الإبل، وكان عمر يرى أن فى الخنصر ستة وفى البنصر تسعة وفى الإبهام خمسة عشر، وفى كل من الآخرتين عشرة، وعمل عثمان وعلى رضى اللَّه عنهما بقول فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه حيث قالت: جئت إلى رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام استأذنه بعد وفاة زوجي فى موضع العدة فقال: "امكثى حتى تنقضى عدتك".

قوله: (وأيضًا فلا يخرج) وذلك للقطع بأنه بانضمام أمر إليه لم يصر هو متواترًا مفيدًا للقطع بل إنما تأكد الظن وزالت الشبهة.

قوله: (كان ينفذ الآحاد) اعترض عليه الآمدى وغيره بأن النزاع إنما هو فى وجوب عمل المجتهد وليس فى هذا ما يدل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>