قال:(مسألة: الجرح مقدم وقيل الترجيح لنا أنه جمع بينهما فوجب أما عند إثبات معين ونفيه باليقين فالترجيح).
أقول: إذا تعارض الجرح والتعديل فالجرح مقدم على التعديل وقيل بل التعديل مقدم، لنا أن تقدم الجرح جمع للجرح والتعديل فإن غايته قول المعدل إنه لم يعلم فسقًا ولم يظنه فظن عدالته، إذ العلم بالعدم لا يتصور والجارح يقول: أنا علمت فسقه فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذبًا، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين فيما أخبرا به، والجمع أولى ما أمكن لأن تكذيب العدل خلاف الظاهر، هذا إذا أطلقا وأما إذا عين الجارح السبب ونفاه المعدّل بطريق يقينى مثل أن يقول الجارح هو قتل فلانًا يوم كذا، وقال المعدل هو حى وأنا رأيته بعد ذلك اليوم، فيقع بينهما التعارض لعدم إمكان الجمع المذكور وحينئذٍ يصار إلى الترجيح.
قوله:(وقيل بل التعديل مقدم) المذكور فى نسخ المتن وقيل الترجيح أى الحكم هو أن يرجح أحدهما بمرجح فيقدم ومن ههنا، اضطرب كلام الشارحين فى تقرير الدليل ومرجع الضمير فى "بينهما" فذهب العلامة إلى أن المعنى أن الجارح جمع بين إثبات شئ يقينًا مع عدم نفى المعدل إياه يقينًا.
أما الأول فلأن الظاهر من حال العدل أن لا يجرح إلا عن يقين.
وأما الثانى فلأن الكلام فى الصور الثلاث التى لم يعين الجارح سبب الجرح أو عين ولم ينفه المعدل أو نفاه بطريق غير يقين إذ لا خلاف فى أنه إذا عين السبب ونفاه المعدّل يتعين أن التقديم لا يكون إلا بالترجيح ثم قال: وله محمل آخر يتعين فيه مرجع ضمير "بينهما" وهو أن يريد أن تقديم الجرح فى الصور الثلاث جمع بين تقديم الجرح والعمل بالترجيح لأن الجرح راجح فى الصور الثلاث لأن الجارح اطلع على ما لم يعرفه المعدل أو عرفه ولم ينفه أصلًا أو نفاه لا بيقين وتقرير المحقق واضح لا غبار عليه وكأنه تحقق ما وقع فى بعض الشروح أن العمل بالجرح لا ينفى مقتضى التعديل فى غير صورة التعيين فيكون جمعًا بينهما فكان أولى بخلاف ما إذا عين ونفى بيقين فإنه لا بد من الترجيح لكن قوله: هذا إذا أطلق ليس على ما ينبغى إذ لا يتناول ما إذا عين الجارح السبب ولم يمنعه المعدل أو نفاه لا بيقين.