قال:(مسألة: حكم الحاكم المشترط العدالة بالشهادة تعديل باتفاق وعمل العالم مثله ورواية العدل ثالثها، المختار تعديل إن كان عادته أنه لا يروى إلا عن عدل وليس من الجرح ترك العمل فى شهادة ولا رواية لجواز معارض ولا الحد فى شهادة الزنا لعدم النصاب ولا بمسائل الاجتهاد ونحوها مما تقدَّم ولا بالتدليس على الأصح كقول من لحق الزهرى قال الزهرى موهمًا أنه سمعه، ومثل وراء النهر يعنى غير جيحان).
أقول: هذه طرق التعديل فمنها حكم الحاكم بمقتضى شهادة أحد فإن كان الحاكم العدل لا يرى العدالة شرطًا فى قبول الشهادة لم يكن تعديلًا وإن كان يراه شرطًا فهو تعديل اتفاقًا وكذا إذا عمل العالم الذى يرى العدالة شرطًا فى قبول الرواية بروايته وإنما الخلاف فى رواية العدل عنه هل هو تعديل أم لا؟ فيه مذاهب:
أولها: تعديل إذ الظاهر أنه لا يروى إلا عن عدل.
ثانيها: ليس بتعديل إذ كثيرًا نرى من يروى ولا يفكر ممن يروى.
وثالثها: وهو المختار أنه إن علم من عادته أنه لا يروى إلا عن عدل فهو تعديل وإلا فلا، وأما ترك العمل بشهادته أو بروايته فليس جرحًا له لجواز أن تدلا وتقبلا ولا يرتب عليهما أثر ما لمعارض كرواية أو شهادة أخرى أو فقد شرط آخر غير العدالة، وكذلك الحد فى شهادة الزنا لعدم تمام النصاب ليس بجرح لأنه لا يدل على فسق وكذلك الحد على المسائل الاجتهادية كشرب النبيذ إذا كان مذهبه ليس جرحًا، وكذلك أمثالها من خلاف البسملة ومسائل الأصول مما تقدَّم فى الإجماع وكذلك التدليس من المعاريض ليس بجرح على الأصح وذلك كقول من لحق الزهرى: قال الزهرى كذا موهمًا أنه سمعه منه، ومثل حدَّثنا فلان بما وراء النهر موهمًا أنه يريد بالنهر جيحان، وإنما يريد به غيره لأن قصده لذلك غير واضح.
قوله:(وكذلك الحد على المسائل الاجتهادية) عبارة الآمدى وليس من الجرح ترك العمل بروايته والحكم بشهادته ولا الشهادة بالزنا وكل ما يوجب الحد على المشهود عليه إذا لم يكمل نصاب الشهادة ولا بما يسوغ فيه الاجتهاد ولا بالتدليس وأراد المصنِّفُ الحد فى شهادة الزنا فقال ولا الحد فى شهادة الزنا لعدم النصاب ولا المسائل الاجتهادية ونحوهما مما تقدَّم ولا بالتدليس ولما كان الكلام فى طرق الجرح