قال:(مسألة: إذا قال الصحابى: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-، حمل على أنه سمعه منه، وقال القاضى: متردد فيبتنى على عدالة الصحابة).
أقول: هذا شروع فى كيفية الرواية والصحابى إذا قال سمعته -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أخبرنى أو حدَّثنى ونحوه فهو خبر يجب قبوله بلا خلاف، وقد اختلف فى مسائلها وهو يذكرها واحدة واحدة، وهذه منها، وهو إذا قال الصحابى قال -صلى اللَّه عليه وسلم- حمل على أنه سمعه بلا واسطة فيقبل، وقال القاضى: متردد بين أن يكون سمعه منه أو سمعه ممن يروى عنه للاحتمال وحينئذٍ فيبتنى قبوله على عدالة جميع الصحابة فإن قلنا بعدالتهم قبل لأنه يرويه إما بلا واسطة أو بواسطة عدل وإلا لم يقبل، إذ قد يرويه عن واسطة ولم يعلم عدالته.
قال:(مسألة: إذا قال سمعته أمر أو نهى فالأكثر حجة لظهوره فى تحققه لذلك قالوا يحتمل أنه اعتقد وليس كذلك عند غيره قلنا بعيد).
أقول: إذا قال الصحابى سمعته أمر بكذا، أو نهى عن كذا، فالأكثر على أنه حجة لأن قوله ذلك ظاهر فى تحقق كونه أمرًا أو نهيًا والعدل لا يجزم بشئ غالبًا إلا إذا علمه.
قالوا: يحتمل أنه اعتقد مما سمعه من صيغة أو شاهده من فعل أمرًا ونهيًا وليس كذلك لكثرة الخلاف والوهم فيه كمن يعتقد أن الأمر بالشئ نهى عن ضده وبالعكس أو أن الفعل يدل على الأمر فيقول أمر أو نهى ولا يراه غيره أمرًا ونهيًا.
الجواب: أن ذلك وإن احتمل فبعيد منهم والاحتمالات البعيدة لا تمنع الظهور.
الشارح:(أو شاهده) هذا مع وجود لفظ السماع بعيد غاية البعد.
الشارح:(أو أن الفعل يدل على الأمر) أى مع أنك قد عرفت أن فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- الذى لم يعرف صفته فيه أربعة مذاهب: الوجوب والندب والإباحة والوقف فلعل الراوى ممن يرى الوجوب مع أن العمل بالرواية لا بالراوى.