غير ذكر القراءة، قال الحاكم: القراءة إخبار على ذلك عهدنا أئمتنا، ونقل ذلك عن الأئمة الأربعة، وأما قراءة غيره على الشيخ بحضوره بالشروط المذكورة فهو كقراءته، وأما الإجازة: وهو أن يقول أجزت لك أن تروى عنى كذا أو ما صح عندك أنه من مسموعاتى أو لك ولغيرك فلان وفلان، من الموجودين المعينين فالأكثر على جوازها، وإذا جوّزناها فيقول: أجازنى وأخبرنى وحدثنى إجازة، والأكثر على أنه لا يقول: حدَّثنى وأخبرنى مطلقًا، وقال بعض: ولا مقيدًا، أى لا يقول أيضًا: حدَّثنى وأخبرنى إجازة لكن يقول: أنبأنى بالاتفاق للعرف فإنه إنباء عرفًا، وإن كان هو الإخبار لغة يقال للإيذان والإعلام إنباء، قال:
زعم الغراب منبئ الأنباء ... أن الأحبة آذنوا بفناء
* وبذاك نبأنى الغراب الأسود *
وهذا الفعل ينبئ عن العداوة أو المحبة.
* تنبئك العينان ما هو كاتمه *
وقد منع الرواية بالإجازة أبو حنيفة وأبو يوسف، وأما الإجازة لجميع الأمة الموجودين لا لقوم معينين فالظاهر قبولها لأنها مثل الإجازة للموجودين المعينين إذ العام بمثابة تعداد الأفراد ولا فرق بينهما إلا بالاختصار والتطويل، ولا مدخل لاختلاف العبارة فى مثله وأما الإجازة فى نسل فلان أو من يوجد من بنى فلان من غير تعيين أو نحوه لأهل بلدة كذا ففى صحتها خلاف واضح وهو أولى بالمنع مما قبله فإن إجازة غير الموجود أبعد من إجازة الموجود غير المعين والمختار صحته، لنا فى صحة الإجازة الظاهر أن العدل لا يروى إلا بعد العلم أو الظن بروايته وعدالته وقد أذن له فيجب أن يصح لغيره وأيضًا فإنه كان يرسل كتبه مع الآحاد ولم يعلموا ما فيها ليعمل من يراها بموجبها، وما ذلك إلا الإجازة، فقد علم بذلك بطلان ما يقوله أبو بكر الرازى من أنه إن كان عالمًا بمضمون الكتاب جاز كما لو قال اشهدا علىّ بمضمون هذا الكتاب.
قالوا: أولًا: إذا قال حدَّثنى فقد كذب لأنه لم يحدثه وأنه لا يجوز.
الجواب: أنه وإن لم يحدثه صريحًا فقد حدثه ضمنًا، كما لو قرأ على الشيخ بحضوره، فإنه لم يحدثه وتجوز الرواية اتفاقًا.
قالوا: ثانيًا: ظن مستند إلى ما لا تجوز الشهادة عنه، فلا تجوز الرواية عنه قياسًا